المؤتمرنت - متابعات - تصور انك بدأت عطلتك التي ستستغرق اسبوعين بعيدا عن منزلك، ثم أدركت فجأة وأنت في طريقك الى المطار، انك نسيت اوراق دفع اقساط الرهن على منزلك، على طاولة المطبخ بدلا من ارسالها بالبريد العادي. او تصور انك تقف في طابور في احد المتاجر لتسدد مبلغ من المال، ولكنك لا تعلم اذا كنت تملك ما يكفي من المال في حسابك لتفادي الرسوم العالية التي تترتب عن سحب مبالغ تفوق الرصيد الموجود.
قد لا تحدث هذه التصورات غالبا، ولكن واحدا منها يكفي لأن يشكل ازعاجا وامرا مكلفا.. وقد تشكل الهواتف الجوالة الحل لعدد من هذه المشاكل المصرفية.

* «جوال مصرفي»

* بداية شهر مايو الماضي قام مصرف «سيتي بانك» بتوفير خدمة على نطاق الولايات المتحدة جميعها تتيح للزبائن القيام بالمزيد من الاعمال المصرفية عن طريق هواتفهم الجوالة. وبعد اسبوع من ذلك قام «بانك اوف اميركا» باللحاق بـ«سيتي بانك» في تقديم مثل هذه الخدمات. وفي الوقت الذي تقوم فيه الشركات التي تقدم الخدمات الهاتفية الجوالة بتحسين سرعات الاتصال بالانترنت تقوم المزيد من المصارف بالاعتماد على الهواتف الجوالة كوسيلة لجعل الزبائن يتفادون التحدث الى موظفيها.

وتتيح الخدمة المجانية الجديدة لـ«بنك اوف اميركا»، على سبيل المثال، لزبائنه الذين يملكون هواتف جوالة قادرة على الاتصال بالانترنت، الكشف على الحسابات ودفع الفواتير وتحويل الاموال عن طريق اجهزتهم هذه. وللمصرف اكبر عدد من الزبائن الذين يتعاملون معه عبر الانترنت، بحيث يقدر عددهم بما يفوق 21 مليونا استنادا الى مؤسسة ابحاث الانترنت «كوم سكور نيتووركس»، وهو يرى ان خيار الهاتف الجوال هو امتداد للصيرفة عبر الانترنت.

ولجعل المعلومات الخاصة بالحسابات اكثر وضوحا واسهل قراءة على شاشة الهاتف الصغيرة قرر «بنك اوف اميركا» استخدام بروتوكول التطبيقات اللاسلكية WAP. واساسا فان هذا التطبيق هو صيغة فقيرة للشبكة العنكبوتية، التي تتيح التخلص من الرسوم والصور والاشكال المعقدة، وتفضيل النصوص عليها التي يمكن بسهولة بثها وعرضها. وأسلوب «بنك اوف اميركا» يعني في الواقع ان بمقدور اي هاتف جوال يمكنه دخول الشبكة (نحو 85 في المئة من جميع الاجهزة الجوالة، استنادا الى الشركة) بمقدوره استخدام هذه الخدمة. ولا تهم هنا الخدمة الهاتفية التي يستخدمها الزبون من أي شركة كانت، واكثر من ذلك لا يتوجب على المستخدمين الدخول في معاناة تنزيل برنامج خاص على هواتفهم لاستخدام عمليات الصيرفة عبر الشبكة.

في اي حال قرر «سيتي بانك» تقديم برنامج مصمم خصيصا لخدمته المصرفية المجانية «سيتي موبايل». وكان المصرف قد قدم في السابق وسيلة للاتصال اساسها WAP لكن قال انها كانت بطيئة بالنسبة الى الزبائن بحيث ان العديد منهم استخدموا هواتف لا يمكنها الاتصال بشبكات المعلومات اللاسلكية السريعة الجديدة.

* برنامج صيرفة

* ويقوم زبائن «سيتي بانك» بالاشتراك بـ«سيتي موبايل» بالاسلوب القديم مستخدمين الكومبيوتر الموصول الى الشبكة، او عن طريق الاتصال بالمصرف، او زيارة احد فروعه. ويقوم الزبائن بتقديم رقم هاتفهم الجوال، واسم الشركة المقدمة للخدمة الهاتفية وطراز الجهاز. ويعمل برنامج «سيتي موبايل» على نحو 100 جهاز مختلف تستخدم حتى الآن خدمات «فيريزون» و«إيه تي أند تي» و«سبرينت»، بما في ذلك الهاتف الجديد «موتورولا رازر» الذي لم تمض عليه سنتان. ولكنه، اي البرنامج هذا، لا يتوفر للمشتركين في خدمة «تي-موبايل» بعد، كما انه لا يعمل على بعض الهواتف الجديدة مثل «سامسونغ بلاكجاك».

ويقول جون كوين الذي سجل ملاحظاته في صحيفة «نيويورك تايمز» انه وبعد ثوان من قيامه بالاشتراك بالخدمة هذه عبر الانترنت تلقى رسالة نصية على هاتفه، احتوت على عنوان الموقع على الشبكة الذي يمكن منه تنزيل تطبيقات «سيتي موبايل». وليست جميع الهواتف تقوم بمثل هذه العملية بالاسلوب ذاته، لذا قد يستغرق الامر دقائق قليلة بالنسبة الى بعض المستخدمين لكي يتعرفوا على الاسلوب المتبع (ومن المهم القيام بهذه العملية قرب الكومبيوتر بحيث يمكن الاستعانة بالصفحات التي تقدم المساعدة على موقع «سيتي بانك»).

ويضيف كوين: «استغرق الامر مني نحو 60 ثانية لتنزيل برنامج «سيتي»، وتتطلب تركيبه في هاتفي دقيقة اخرى ونصف. وبعد توقيعي على رمز خاص بالدخول قمت باختياره، لم يستغرق الامر اكثر من ثلاث نقرات لرؤية حسابي والكشف على الداخل والخارج والحوالات التي تلقيتها، او المرسلة من قبلي. ومن المميزات الاخرى ايضا القدرة على بلوغ خدمة الزبائن عبر الهاتف عن طريق كبسة زر واحدة لا غير، ومواقع آلات صرف النقد الاوتوماتيكية».

وبالنسبة الى الزبائن القلقين على قضايا الامن فانهم قد يطمئنون الى ان هذه الخدمة مرمزة بشفرات وبيانات مؤلفة من 128 بت، اي في المستوى ذاته للخدمة الحالية عبر الانترنت. ولا يسمح «سيتي بانك» الزبائن بإدخال اشخاص جدد عليهم مديونيات، أو تسديد مبالغ مستحقة عليهم، عن طريق استخدام اجهزتهم الجوالة، بل ينبغي القيام بذلك بواسطة كومبيوتر موصول الى الشبكة. والاكثر من ذلك لا يجري تخزين اكثر من آخر اربعة ارقام من رقم بطاقة «سيتي بانك» في الهاتف الجوال. وفي حال نسيت الجهاز في سيارة للأجرة، يقول «سيتي بانك» انه قادر على على اغلاق هذا الاتصال الجوال خلال دقائق.

اما الهواتف التي تدعم نظام «بلوتوث» اللاسلكي فلا تشكل اي خطر من قبل الغرباء المتسكعين في الجوار بهواتف مدعومة بالنظام ذاته، لانه لا توجد اي معلومات او بيانات مخزنة في الهاتف، كما لا يمكن الحصول على المعلومات من دون رمز الدخول الذي ينبغي ادخاله في كل مرة. والخطر الوحيد قد يكون مصدره المتلصصون الواقفون خلف الظهر!

* خدمات جديدة

* وحال تركيب البرنامج هذا يعمل «سيتي موبايل» بالسرعة ذاتها مثل الخدمة المصرفية العادية على الشبكة. لكن النتائج الفردية قد تختلف وفقا لجودة الشبكة الناقلة في منطقة ما. وعلى الرغم من ان خدمة «بنك اوف اميركا» هي بالسرعة ذاتها الخاصة بالشبكات اللاسلكية العالية السرعة الا ان الاتجاه في الصناعة المصرفية هو نحو تقديم برمجيات مصرفية خاصة بالهواتف الجوالة.

وتعمل العديد من المصارف بما في ذلك «بانكورب ساوث» و«صن ترست» و«وشوفيا» على تطبيق مصرفي شائع يمكن تنزيله ايضا أو تركيبه سلفا في الهواتف الجوالة. والشركة التي تقوم بانتاج البرنامج هي «فايرثورن» التي مركزها اتلنتا، والتي تعمل مع المصارف والشركات الخليوية لانتاج واجهة استخدام مشتركة. والفكرة هي ان يكون للزبائن اسلوب قياسي موحد للصيرفة عبر هواتفهم الذي يؤدي الى اقل نسبة من الاضطراب والتشويش، بحيث ان شركات الخدمات مثل «إيه تي أند تي» لاتحتاج الى تصميم تطبيقات منفردة لتستوعب كل منها مئات المصارف المختلفة المنتشرة في ارجاء البلاد.

واثناء تجربة كوين لخدمة «بانكورب ساوث» باستخدام برنامج «فايرثورن» على جهاز LG CU500v ذي الغطاء القلابن ظهر انها شبيهة بتجربة «سيتي موبايل»، فقد اتاحت له الاطلاع على حسابه والقيام بالصفقات بما في ذلك دفع الفواتير في اخر لحظة. وقد كان هناك تأخير قدره اربع الى خمس ثوان في التحول من بين حساب وآخر، ولكن من اوجه عديدة كانت الخدمة اكثر بساطة واسهل تعلما من الصيرفة على الشبكة بواسطة الكومبيوتر. والمأخذ الوحيد هو انه يجب ان تكون من المشتركين في «إيه تي أند تي/سنغيولار».

واسلوب «فايثورن» قد يوفر للهاتف الجوال بعض المزايا التي تتفوق على جهاز كومبيوتر «بي سي» في القريب العاجل. وعن طريق تخزين تطبيق مالي مكرس لهذه الغاية في الهواتف فان «فايثورن» وغيرها ستتمكن في النهاية من توسيع مميزات الهواتف الجوالة واتاحة المجال امام الزبائن لتسديد ثمن ما يشترونه ويبتاعونه عن طريق تلويح هواتفهم فقط امام اداة التسجيل.

ولكن قبل ان تتحول اجهزة الهاتف الجوالة صوب جيوب الزبائن ومحافظهم يتوجب على عملية الصيرفة الجوالة المجانية التغلب على عقبة كأداء واحدة، الا وهي الكلفة، ففي الوقت الذي لا تقوم فيه المصارف بفرض رسوم على القيام بالصفقات عبر الهاتف، الا ان الشركات المقدمة للخدمات الهاتفية تفعل ذلك، اذ تستمر شركات الخدمات اللاسلكية بفرض رسم على الزبائن مقابل كل كيلوبايت يستخدمونه. وهذا نظام مبهم بالنسبة اليهم، لأنه لا يمكن معرفة كم هي الكيلوبايتات التي تشكل تلك الصفحة المعينة من الشبكة! وقد يؤدي هذا الى دفع رسوم باهظة. ويقول كوين: «مثال على ذلك فقد قمت بالكشف على حساباتي واجريت تحويلا واكدت صحة بعض المدفوعات مما اوصل مجموع الكيلوبايتات الى 244 بالاضافة الى رسالة نصية على «سيتي موبايل». وجاء مجموع الكلفة من «إيه تي أند تي» 2.59 دولار». من هنا فاذا قام احدهم باستخدام الصيرفة الجوالة كما يستخدم الآلات الاوتوماتيكية لصرف النقود، فان هذا سيكون مكلفا.

لذا تقترح «ايه أند تي» قيام الزبائن الذين يعتزمون استخدام مثل هذه الخدمات الاشتراك في خطة خاصة بالبيانات. وارخصها هي خطة تقدمها «إيه تي أند تي» برسم 9.99 دولار شهري، مقابل 5 ميغابايتات من البيانات والمعلومات، اضافة الى 4.99 دولار مقابل 200 رسالة شهريا. وهذه كلها علاوة على رسوم الاتصالات الصوتية. ومن الواضح ان تخفيض الرسوم من قبل الشركات المقدمة للخدمات الهاتفية الجوالة قد يساعد في تعزيز الصيرفة الجوالة. وعندما يصبح ذلك فان الخوف الاكبر هو قيام احدهم في القطار باختلاس النظر من فوق كتفك ليكشف حجم حسابك.الشرق الاوسط