ارتفاع الأسعار وحيادية الحكومة
الثلاثاء, 21-ديسمبر-2010د.عبدالعزيز المقالح - حين يدور الحديث عن مسألة الأسعار فإن الأنظار والأذهان تتجه نحو الحكومة وما يجوز لها من حق في وضع التسعيرة، فالحكومة - أية حكومة - في عالم اليوم مطالبة بالإشراف على كل صغيرة وكبيرة تهم المواطنين وتمس حياتهم المعيشية .
وللحكومات في الدول الفقيرة خصوصية كبيرة في اتخاذ القرارات التي تحقق المستوى المعقول من المعيشة لمواطنيها حفاظاً على السلم الاجتماعي من التصدع وإقامة حالة من التوازن النسبي داخل المجتمعات حتى لا يأكل الكبير الصغير، وتتعاظم الفوارق بين الأغنياء والفقراء إلى درجة يصعب معها الإمساك بزمام الأمور.
ولم يحدث قط في تاريخ العرب الحديث والقديم أن تفاوتت الفوارق بين الطبقات كما هي الآن بعد أن أنتج الواقع المغلوط حالات من الغنى الفاحش وحالات من الفقر الافحش ،وهذا هو السبب في اختلال الأمور التي يراها بعضهم - بعين السياسة - عائدة إلى أسباب سياسية . ويراها آخرون - بعين الاقتصاد - عائدة إلى أسباب اقتصادية، وهي في واقع الأمر حالة اجتماعية سقطت معها الضوابط التي كانت متبعة حتى في أشد العصور انحطاطاً وأكثرها انفلاتاً، وهذا أيضاً هو السبب في فشل كل المعالجات المتبعة حتى الآن في كل الأقطار العربية بما فيها تلك التي تتمتع بحالة عالية من الثراء، فالواقع فيها يشير إلى وجود غالبية تعاني من الفقر وتنتظر لحظة الخلاص من معاناته.
ويبدو أن قضية الدعم التي كانت حتى الأمس القريب على رأس جدول الهموم الوطنية لكنها تراجعت أو اختفت بعد أن أثبتت الأجهزة الحكومية أن معظم الدعم لم يكن يذهب إلى من يستحقونه، وبذلك تم إلغاء الدعم على السلع الأساسية على أن تبدأ الحكومة في ضبط أسعار هذه السلع لكن ذلك الوعد لم يتحقق فما تزال شريحة واسعة من المواطنين تشكو بمرارة من الارتفاع المستمر للأسعار بدون سبب ولم يحدث لهذه الشريحة أن سمعت يوماً عن هبوط سعر أية سلعة أو ثبات سعرها . وعندما ارتفع سعر الدولار فجأة ارتفعت الأسعار بصورة جنونية، وبعد أن عاد سعره إلى ما كان عليه ظلت أسعار المواد التي ارتفعت بارتفاعه على ماهي عليه، بل سارت في تصاعد مستمر نظراً لحيادية الحكومة ولغياب أية رقابة أو محاسبة وإطلاق العنان لجشع التجار وهو ما فتح باباً واسعاً للسخط والتعليقات الساخرة.
ولعل الأخطر من ارتفاع أسعار السلع الأساسية وغياب الرقابة هو استيراد المواد المضروبة والمنتهية الصلاحية وما يشاع من أن بعض أصحاب السوبر ماركات يذهبون إلى أسواق دول الخليج لشراء كثير من المواد الغذائية قبل أن تنتهي صلاحيتها بوقت قصير إنقاذاً لها من الإتلاف والإلغاء في مقالب النفايات يعرضها للبيع في أسواقنا المفتوحة بلا رقيب ولا حسيب. ومن حق الأجهزة المختصة في الحكومة أن تتابع هذه الشائعات وتحقق فيها وأن لا تدع المواطن في حالة قلق وتوهان، أو أن ترغمه على شراء سلع مضروبة وبأسعار عالية وأحياناً خيالية والحديث هنا عن السلع الضرورية التي يحتاج إليها المواطن لا تلك الكمالية التي لا شأن للناس العاديين بها ولا يفكرون في شرائها وإن كان وجودها يشكل حالة من الرغبة والهوس في الحصول عليها لدى عدد من الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل التي تحاول التشبه بالأغنياء. وأتمنى، بل أرجو أن تجد هذه الكلمات بعض الاهتمام من الجهات المعنية وأن نقتدي في مجال التسعيرة المحددة بكل أشقائنا والقريبين منهم إلينا خاصة، فالمؤمن ليس من اعتبر بغيره فحسب وإنما من استفاد من السلوك السليم لغيره أيضاً .
سلوى يحيى الإرياني في مجموعة قصصية جديدة :
لعل أول ما يلفت انتباه القارئ هو عنوان هذه المجموعة الذي يجمع بين المعلن والمسكوت عنه (قطرات، من زخات ...) وهو ما يمكن قراءته على أكثر من وجه، فهي قطرات من زخات إبداعية في طريقها إلى التكامل والظهور . وتتألف المجموعة من قطرات عشر في كل قطرة قصة بديعة اللغة والبناء والمضمون . وكم تمنيت لو أن الكاتبة لم توضح في المقدمة الهدف من العنوان وتركته للقارئ يحدس عنه بما يشاء . وقد أهدت المجموعة إلى والدها الراحل الأستاذ والمثقف النبيل يحيى عبدالرحمن الإرياني.
تأملات شعرية :
لو قرأ الناس
مصائرَهم
في لوحة هذا الكون المفتوحْ
ورأوا ببصيرتهم
أين يروح المال
وأين تصير الروحْ .
ما اختلفوا يوماً
أو سال على وجه الأرض
دمٌ مسفوحْ!