عبدالحفيظ النهاري - كان سؤال الـ BBC هو : لماذا دشن الرئيس الحملة الانتخابية من عدن ؟
وهو سؤال وجيه يستحق أن أقف عنده في هذه الزاوية خارج حصار الوقت التلفزيوني والإذاعي الذي لا يتيح للمتحدث استكمال المسوغات والحجج المسندة للجواب.
وقد دشن فخامة الأخ الرئيس الحملة الانتخابية من عدن ، لأن عدن موئل الديمقراطية وبيئتها الطبيعية ، في عدن وقعت اتفاقية الوحدة ،وفي سمائها ارتفع علم الجمهورية اليمنية ،الذي هو علم الوحدة والديمقراطية.
وعدن قبل ذلك وبعده أول مدينة في الجزيرة العربية جسدت المجتمع المدني بمفهومه الحديث منذ بدايات القرن العشرين.وشكلت بيئة مدنية استوعبت الأقليات من كل أنحاء الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس آنذاك.
ومثلما كانت حاضنة لكل الجنسيات والأقليات والإثنيات من كل العالم كانت حضنا أكثر دفئاً لأبناء اليمن من جهاتها الأربع دون استثناء.
وهي في القلب من الوطن وفي قلب كل يمني وهي حصن الديمقراطية والمدنية تحميها وتدافع عنها وتثريها، وهي ملاذ اليمنيين ببحرها وبشواطئها وبسمائها المفتوحة على العالم، وبطيبة أهلها ومدنيتهم.
وعدن هي التي احتضنت خليجي 20 وأكدت مدنيتها وحضارتها وتطلعاتها للحياة وللمستقبل، وتثبت دائماً بأن مدنيتها لا يمكن أن تتأثر بدعاوى بعض المخربين من خارجها ، وهي تثبت دائماً وفي كل المنعطفات الوطنية التاريخية بأنها في قلب الحداثة ، وبأنها منطلق المشاريع الوطنية الحداثية وفي مقدمتها الاستحقاقات الديمقراطية.
ومثلما خرجت النساء والشيوخ والأطفال بأهازيج الفرح والاحتفال في خليجي 20، سيهب كل الناخبين ممن لهم حق التصويت من شباب وشيوخ نساءً ورجالاً لمؤازرة الحملة الانتخابية والمشاركة الإيجابية فيها لترسل عدن درساً مدنياً وديمقراطياً جديداً لكل من يشوه صورتها وموقفها من الديمقراطية.
ولعل مبعث سؤال الـ BBC هو ما ظل يلحق بعدن من تشويه من قبل نفر من الخارجين عن القانون والذين يتحدثون باسهما زوراً وبهتاناً وهي بريئة منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
هؤلاء النفر من قطاع الطرق والمخربين والذين يمارسون التحريض المناطقي ويبثون ثقافة الكراهية بالأساس ليس لهم أية علاقة بالمدنية ولا بمدينة عدن ولا حتى بقراهم.
أما أن تتحدث عصابات التخريب والنزعات القروية والمناطقية باسم عدن عن موقفها من الانتخابات فهو أمر مضحك ، لأنه ليس هناك أي وجه للعلاقة بين المجرمين وقطاع الطرق وبين موضوعية الديمقراطية.
عدن وكل المحافظات الجنوبية ترفض الوصاية عليها من أي أحد خارج المؤسسات الدستورية والقانونية والهيئات المنتخبة، في الداخل أو في الخارج، وترفض تمثيلها خارج العملية الديمقراطية، إلا أن يكون ذلك في مجلس النواب أوفي المجالس المحلية وفي مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.
وقد آن الأوان أن يتوقف أولئك المتشدقون باسم المناطقية زوراً وبهتاناً ، وهم منكرون حتى من أقرب الناس إليهم ، وعليهم أن يكفوا عن إدارة الفتن عن بعد أو عن قرب، لأن الشعب اليمني يعرف أين تكمن مصلحته العليا ويراهن على خياره الديمقراطي وعلى السلام وعلى التنمية.
وقد استوعب دروس العنف وخيارات الشر والتطرف التي لم يجن منها إلا المآسي والخسائر، ولم يعد أحد يراهن على رغبات المقامرين والمتآمرين والمرتهنين لرغباتهم الذاتية والأنانية أو لرغبات جهات أخرى في الداخل أو في الخارج.
الشعب اليمني شب عن الطوق ورشد ديمقراطيا ولم يعد يقبل أن يصادر حقه أو يحتكر أو يحجب من قبل أي أحد، سواء في شكل عصابات تخريب وعنف أو في شكل أحزاب قانونية لم تعد تقدر مصلحتها أو تربطها بمصلحة الوطن العليا.
[email protected]