![]() |
الوحدة اليمنية عهد لا ينكسر وأمل لا يموت في كل عام يطل علينا الثاني والعشرون من مايو، حاملاً في طياته عبق التاريخ المجيد وأحلام أجيال ظلت تؤمن أن اليمن لا يمكن أن يكون إلا موحداً، أرضًاً وإنساناً.. في هذا اليوم من عام 1990م، تحقق الحلم الكبير وتوحد الشطران في لحظة فارقة من تاريخ الأمة اليمنية، لتعلن الجمهورية اليمنية ميلاد عهد جديد عنوانه الوحدة، وشعاره المستقبل المشترك لكل أبنائها. لقد مثلت الوحدة اليمنية خطوة استراتيجية لم يكن تحقيقها وليد لحظة عاطفية أو صفقة سياسية، بل كانت خياراً وطنيًا نابعاً من إرادة الشعب اليمني بكل أطيافه ومكوناته، وهو خيار لا رجعة عنه مهما حاولت المشاريع الصغيرة والمتربصون النيل منه أو تشويهه، فالوحدة ليست فقط حدثاً تاريخياً، بل هي مسار وطني طويل، قائم على طموحات شعب يسعى للكرامة والعدالة والتنمية. غير أن المسار لم يكن سهلاً، فقد تعثرت الوحدة في مراحل كثيرة بفعل سوء الإدارة وتغليب المصالح الضيقة، ما فتح الباب لصراعات مزمنة وأزمات متجددة.. واليوم وبعد أكثر من ثلاثة عقود على إعلان الوحدة، تعيش اليمن واحدة من أعقد لحظاتها، حيث تشهد البلاد انقسامات حادة، وحروباً داخلية، وتدخلات خارجية تنهش في الجسد اليمني وتحاول فرض أجندات تتناقض مع روح الوحدة ومع مصالح الشعب اليمني. إن ما تعانيه اليمن اليوم لا يمكن فصله عن غياب الحوار الوطني الحقيقي، وضعف الإرادة السياسية في تصحيح مسار الوحدة على أسس عادلة، تضمن الشراكة المتساوية وتمنع الإقصاء والتهميش.. لذلك فإن الحل الجذري لكافة الإشكالات التي تعصف بالوطن يكمن في التوجه الجاد نحو بناء دولة اتحادية حديثة تقوم على مبادئ المواطنة المتساوية، وتكفل التوزيع العادل للثروة والسلطة، وتحترم التعددية السياسية. وفي هذا السياق تبرز الحاجة الملحة إلى مصالحة وطنية شاملة، تستوعب الجميع دون استثناء، وتعيد الإعتبار للقيم الديمقراطية، وتكرّس ثقافة التسامح والحوار، بعيداً عن منطق الغلبة أو الثأر السياسي.. فالمصالحة هي الطريق الوحيد لإنقاذ اليمن وإعادته إلى موقعه الطبيعي في محيطه العربي، كدولة موحدة فاعلة، لها دورها الحضاري والتاريخي. إن التمسك بالوحدة رغم كل التحديات، يظل الضمانة الحقيقية لبقاء اليمن واستقراره، وهو السلاح الأقوى في مواجهة التدخلات الأجنبية التي تسعى لتفكيك النسيج الوطني، وتحويل اليمن إلى ساحات نفوذ وصراعات إقليمية لا تخدم إلا أعداء البلاد. ولذلك، فإن المطلوب اليوم هو إصطفاف وطني واسع يرتقي فوق الحسابات الضيقة، ويستنهض ضمير الأمة اليمنية في الداخل والخارج، للوقوف صفاً واحداً من أجل إستعادة وحدة الوطن، وحمايتها من مشاريع التفتيت والتشظي، والمضي قدماً نحو بناء دولة مدنية قوية، تحترم حقوق مواطنيها وتحقق تطلعاتهم في الحرية والتنمية والعدالة. في ذكرى يوم الوحدة اليمنية المباركة، نؤكد أن هذا اليوم سيظل منارةً لكل الأجيال وموعداً دائماً مع الأمل، وفرصة متجددة للتأكيد أن اليمن الموحد سيبقى أقوى من كل المؤامرات، وأقوى من كل العواصف.. و"ما يهزك ريح ياذا الجبل". * مستشار وزارة الشباب والرياضة |