الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 11:22 ص - آخر تحديث: 05:05 ص (05: 02) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
قراءة متآنية لمقال بن حبتور (مشاعر حزينة في وداع السفير خالد اليافعي)
محمد "جمال" الجوهري
السِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
ثقافة
الاديب أحمد زين -
«دملان» عزلة كائن في مواجهة الوحدة
في رواية «دملان» للروائي اليمني حبيب عبد الرب سروري، المقيم في فرنسا، نبدو أمام عالم يتغير ويتراجع عن قيمه، مفسحاً المجال لنمط جديد من القيم يكتسحه بقوة، هذا الاكتساح تؤكده الذات الراوية، وهي ذات واعية، تمر التفاصيل والأحداث عبرها فتتكشف أو تتفكك إلى عناصرها الأولى.
يكشف الروائي، عبر شخصية تعيش في عزلة صارمة بعيداً من الواقع الذي تعيش فيه، احتجاجاً وربما شعوراً بالقهر لانتهاك إنسانيته، يكشف عن ولع برسم صور تواجه وتعارض لمدن وأشخاص، صور تنضح بمحمولات أقرب إلى الكوميديا السوداء.
يعبر وجدان الشخصية الرئيسة في الرواية، عن كائن سلبي يصدمه الواقع في شكل عنيف، بتحولاته التي تتوالى دراماتيكياً، فمن الصراعات الدموية بين أعضاء الحزب الاشتراكي التي تنتهي بمجزرة 13 كانون الثاني (يناير) 1986، مروراً بالوحدة اليمنية في 1990، التي دشنت عهداً جديداً في ما كان يسمى بجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية. ويشعر السارد أنه ضحية، لكن ليس لأحد سوى نفسه، يعيش في تناقضات عميقة وقديمة، فهو متخصص في علوم الكومبيوتر، لكنه محكوم بثقافة الجن، تتنازعه ثقافتان:» ثقافة تربيتي القديمة وثقافة العالم المعاصر؟». علاقته بالكومبيوتر علاقة هروب من مأساته: «يكفي أن أحدق في شاشته لأغيب ساعات وساعات عن كل شيء... لذلك تحجرت حياتي وراوحت كما كانت في أيامها الأولى». ولئن جاءت الرواية مفعمة بالخيبات، فإنها قدمت مادة شديدة الخصوصية عن المجتمع اليمني، في تنوعه واختلافه، عبر مدينتيه الرئيستين(صنعاء وعدن).
في «دملان» لسنا أمام حبكة روائية وشخصيات تنمو وتتعقد مصائرها لحظة تلو لحظة، كما في روايته الأولى «الملكة المغدورة» التي صدرت بالفرنسية، وترجمها إلى العربية الروائي والباحث اليمني علي محمد زيد، إنما تتكثف تفاصيل الرواية (445 صفحة) في شكل يوميات من منظور أحادي، تقوم به شخصية وجدان التي تحكي تحولات الواقع من حولها، إضافة إلى غرائب ومواقف مشحونة بروح الفكاهة، في لغة جميلة ورشيقة. ومع أن السارد يؤكد أنه لا يقوم بسرد يومياته، إلا أن كمّ المواقف والتفاصيل، التي هو بطلها الرئيس، لا تدع مجالاً للاقتناع.
وينشغل السارد بمحاولة كشف الأسباب التي أدت إلى عزلته للقارئ، هذا الكشف الذي ظل يؤجله حتى آخر لحظة، فيكرر طوال الرواية في حديث مباشـــر إلى الـــقارئ: «سأبوح لكم بسلسلة الأحداث... سأرصف أمامكم بالتزام وانتقاء ذلك الخط المستقيم من اللعنات والانكسارات والخرائب، الذي قاد حياتي حتى «علبة السردين».
ينقسم العمل إلى ثلاثة أجزاء، محورها كلها وجدان. الأول: «شارع دغبوس»، ويتناول فترة المراهقة وما يكتنفها من تفاصيل صغيرة، تترافق مع مراقبة شديدة لما يحدث، على الأقل ظاهرياً على الصعيد السياسي، من صراعات و تطبيق لمبادئ تبدو نافرة عن طبيعة المجتمع، لا يكفي ترديد الشعارات الثورية لترسيخها، يتخلل هذا الجزء دخول السارد في مغامرة عاطفية تنتهي بالفشل، لينتهي الجزء الأول باستعداد وجدان للسفر إلى فرنسا في العام 1978 للدراسة.
في ما تستغرق فترة الدراسة والحياة في فرنسا الجزء الثاني بكامله، يروي هذا الجزء وعنوانه «سانت مالو» مشاهدات السارد التي تصطدم في وعيه مع ما تختزنه ذاكرته عن اليمن.
هذا الجزء بدا مفصولاً عن الرواية، وهو أقرب إلى أدب الرحلات منه إلى جزء في رواية، فالسارد يحدثنا عن رحلاته في المكان على تنوعه واختلافه، عن أصدقاء الدراسة، عن المواقف التي يتعرض لها نتيجة جهله بتلك البلاد. ينتهي هذا الجزء بانقطاع المنحة الدراسية، من دون أن نعرف لماذا، وبعودته خائباً ومحبطاً بعد 15 سنة، لكن ليس إلى عدن إنما إلى صنعاء، حيث سيبحث عن محبوبة متخيلة. في الجزء الثالث «علبة السردين»يأتي البحث عن المحبوبة، مجرد ذريعة فقط لاكتشاف عاصمة الوحدة، إذ يعود وجدان بعد تحقق الوحدة اليمنية في 22 أيار (مايو) 1990، كما يشهد هذا الجزء دخوله في عزله طويلة، إذ يعيش نحو 8 سنوات في منزله، من دون أن يحاول الخروج. يتغذى السرد في الجزء على أفكار جاهزة ومستهلكة عن مدينة صنعاء، أفكار طالما طرحها المثقفون اليمنيون في جلسات المقاهي في عدن، ولا يعدو فعل السارد هنا سوى استدعاء تلك الأفكار والمقولات المسبقة...
ومع ذلك فالرواية تتعرض على نحو غير مسبوق، إلى تجربة الوحدة اليمنية وانعكاساتها على الواقع، إذ يختار السارد جملة شواهد لا يجيء اختيارها عفوياً أو بريئاً من شبهة الإيديولوجي، فمن خلال هذه الشواهد، يروح في تصوير تلك الانعكاسات على مقدار من السوء والجهل والدمار، ليس أقلها الصورة التي تطرحها الرواية عن صنعاء، إذ تأتي في مظهر المدينة:» المحنطة بالسواد، مدينة مسكونة بكل أنواع الجن»، تثير الاشمئزاز، وتتحول فيها الشخصيات المشهورة بنقائها الإيديولوجي، المقبلة من عدن، إلى مطبلين للنظام الحاكم في عاصمة الوحدة. وفي المقابل، تحضر عدن، تحت ظل اليمن الموحد، كمدينة مسكينة يخيم عليها شبح الجوع والفقر والمستقبل الأسود،»شيطان الجهل «يبترع» منتصراً على آخر معاقل المدينة المنهزمة».
تحاول الرواية، ضمن ما تحاوله،انتقاد النظام السياسي في شطري اليمن، قبل الوحدة وبعدها... لكن السارد يبدي تحيزاً واضحاً لحقبة ما قبل الوحدة، فعلى رغم الصراعات والقتال بين العناصر الاشتراكية نفسها، يزعم الراوي أنها كانت أجمل من العهد الذي توحد فيه شطرا اليمن: «كانت فترة صعبة لكنها كانت تعج بالآمال والطموحات...».
وضمن ثنائية عدن/ صنعاء، حقبة الوحدة وما قبلها، يمكن استيعاب الرحلة الخرافية، التي يقوم بها وجدان، إلى بلاد (دملان)، التي تأخذ الرواية اسمها، ولعلها تسمية مجازية للشمال، فالرحلة التي نعرف في الختام أنها ليست غير حلم طويل، على رغم واقعية تفاصيله، تكشف عن شبه كبير، من خلال الدمار والعزلة ووفيات الأطفال والطقوس الأسطورية وتفشي الفساد، بما يسوقه السارد من تفاصيل عن الواقع اليمني في الشمال. وعدا المشهدية وجمال اللغة الوصفية، قد لا يجد القارئ أن استخدام تقنية الحلم هنا أفاد الرواية وأسهم في ثرائها فنياً ورؤيوياً، فما يريد أن يكشفه السارد عبر الحلم، يكون قام به في شكل أكثر وضوحاً خارجه وعلى نطاق واسع، وبالتالي كأن الرواية تقع في التكرار، الذي لا طائل منه.
من جانب آخر، تحضر شخصية جعفر الدملاني، الذي قدم إلى عدن وهو شاب في السادسة عشرة، لتعبر عن القيم التي تسود في ذلك الشمال. فلسفته في الحياة، كسب كاف في مقابل مجهود ضئيل، كسول ولا يحب المعرفة والتعليم، حلمه أن يصير شيخاً كبيراً غنياً جداً، وأن يتزوج أربع صبايا، وأن يمتلك قصراً كبيراً مملوءاً بالخدم والحشم... واللافت في هذه الشخصية أنها تشهد تحولات مفصلية، فأحلامه تتحقق من دون أن يمنحنا حبيب عبد الرب سروري إمكان استيعاب كيف حدث ذلك، ففجأة نجده في فرنسا مع الراوي في منحة عسكرية، ثم يختفي ليظهر في عاصمة الوحدة (صنعاء)، وقد صار نافذاً، وسيعود إلى مدينة عدن، يمارس فيها سلطته الأسطورية. يمضي جعفر حياته انطلاقاً من وصايا عشر، يرى أنها مفتاح كل شيء في اليمن، نجاحه الخرافي وهو محدود القدرات، يأتي في مقابل فشل وإخفاقات وجدان، الذي أجاد اللغة الفرنسية وعلوم الكومبيوتر بإتقان.
تجربة الكترونية
في الجزء الثاني» سانت مالو»، نقرأ:»أريد رواية جديدة تنضح خيالاً و دهشة، أريد أحداثاً مثيرة، نصاً مختلفاً يربكني... أريد رواية حقيقية لا أعرفها مسبقا، أريد أن أفاج». يحاول السارد من خلال برنامج إلكتروني يدعى» شهرزاد» أن يكتب رواية في تلك المواصفات، فينصحه صديقه (ح ع س) مصمم البرنامج: «عليك أن تملأها بمواد خام من الأحداث والقصص، أن تشحنها بالأحلام والاستيهامات، أن تغدقها بنماذج بشرية وأمكنة كثيرة...». على أن نصيحة (ح ع س) وهذه هي الحروف الأولى من اسم المؤلف يمكن تلمسها في شكل جلي في رواية «دملان»، إذ جاءت مشحونة ببشر وأمكنة عدة، ولهجات وكلمات موغلة في شعبيتها، ولغة كومبيوتر ومشاهدات وأحلام... لكن هل صنع منها كل ذلك رواية تدهش الكاتب وتربكه قبل القارئ؟!
عن صحيفة (الحياة )








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "ثقافة"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024