الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 02:05 ص - آخر تحديث: 02:01 ص (01: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
قراءة متآنية لمقال بن حبتور (مشاعر حزينة في وداع السفير خالد اليافعي)
محمد "جمال" الجوهري
السِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
كتب ودراسات
الكاتب/ محمد عبدالله عصبة -
الأغنية..ودلالتها في "رواية المكلا"
الرواية جنس أدبي مستقل بذاته وقائم بأدواته التي تميزه عن غيره، غير أن هذا لم يمنعها من الانفتاح على بقية الأجناس الأدبية بل أنه ليس باستطاعتها النهوض بعيداً عن غيرها من الأجناس الأدبية فهي تشترك معها بمقدار ما تستميز عنها بخصائصها الحميمة وأشكالها الصميمة (1) وهي تختلف عن كل الأجناس الأدبية الأخرى، ولكن دون أن تبتعد عنها كل البعد بحيث تظل مضطربة في فلكها وضاربة في مضطرباتها (2) فالرواية ذات ارتباط وثيق بعامة الأجناس الأدبية الأخرى "3) فهي تمتاح من الحكاية، ومن الأسطورة، والملحمة، والمسرحية، والشعر أيضاً دون أن تخل وبهويتها.
ولا يقتصر انفتاح الرواية على الأجناس الأدبية فحسب، بل إنه يذهب لأبعد من ذلك ليشمل الأجناس الفنية أيضاً كالموسيقى، والرسم، والسينما. فالرواية كالموسيقى كلتاهما انفتاح مطلق – على حد تعبير با كثير "وكوبانس"- وهي الملاحظة التي استوقفت نبيل سليمان كثيراً فجعلته موقناً بحالة التماهي بين الرواية والموسيقى بوصفهما نصين يحتفلان بالجمهور من خلال اجتراح شعرية عالمية الجاذبية(5).
فالرواية تسعى إلى الاستفادة في بنائها من بناء القطعة الموسيقية أو اللوحة أو القصيدة أو السيناريو (6) بيد أن الأمر يبدو أكثر تداخلاً فيما بعد بحيث لم يعد يقتصر على مجرد الاستفادة من آليات البناء والتقنية أو لمجرد التشابه بين أدوات الرواية وأدوات الأجناس الأخرى. وبصورة أوضح لم يعد تداخل الرواية مع الشعر –مثلاً- في مجرد " أن تكون لغة كتابتها بالصورة الشعرية (7) فقط، ولكنه وصل لدرجة الاقتباس ا لمباشر لمقطوعات شعرية، وتضمينها داخل العمل الروائي، وهو ما نجده أيضاً مع الأجناس الفنية، إذ لم يعد يكتفي بعض الروائيين بمجرد الاستفادة من تقنيات الموسيقي، واستغلال "القواسم المشتركة بين الفنانين نحو التفاعل مع المسافات والتتابع والسرعة والبطء، والفواصل والزمن الفني"(8) فكان أن بعض الروايات استثمرت الأغاني الشعبية تقنية لقول أشياء ربما عجزت الرواية عن قولها أو أن الرواية وجدت من تمام بلورة الحدث أو الشخصية أن تتزيد من بعض الأغاني ذات الأبعاد الأيدلوجية فضلاً عن الجمالية (9).
رواية المكلا للقاص والروائي "صالح با عامر" هي واحدة من تلك الروايات التي يتجلى فيها تداخل وتلاقح الأجناس الأدبية والفنية في آن معاً. ونظراً لاحتياج دراسة مثل هذه الظاهرة لمساحة كبيرة وجهد أكبر يمكِّن الدارس والقارئ معاً من الإلمام بكافة التفاصيل، وأيضاً لقلة اهتمام الدارسين للتداخل الذي حصل بين الفن والأدب، وتركيز معظم الدراسات على تداخل الأجناس الأدبية دون الفنية، وقبل ذلك كله بسبب ذلك الحضور المكثف للأغنية في رواية المكلا، والتي بلغ عددها (19) أغنية ومقطوعة وللاهتمام الغير عادي من قبل بطل الرواية وكاتبها معاً بالغناء فإني أفضل حصر دراستي في علاقة الرواية بالموسيقى ممثلة "بالأغنية" دون غيرها لنتبين فاعلية ذلك الحضور من عدمه والدور الذي قامت به الأغنية وكيفية تعامل القاص معها.
وبغية الوصول لذلك، ولاحتواء الأغاني الواردة في النص على العديد من الدلالات ولتعدد المهام الموكلة إليها فقد عمدت إلى تقسيم الدراسة إلى محورين الأول يختص بالوظيفة الأدائية والدلالة الخاصة لكل أغنية في سياقها الخاص، وثانيها يبحث في الدلالة والوظيفة العامتين للأغنية وبصورة شاملة.
المبحث الأول:
أن حضور تلك المجموعة الكبيرة من الأغاني داخل العمل الروائي لم يكن من قبيل الترف الفكري أو الثقافي أو الأدبي و لا حتى من قبيل المصادفة ولكنه كان عن قصد ووعي من قبل القاص أُريد من خلاله القيام بمهام عديدة سوف نأتي عليها، وتكمن أهمية الأغنية في أننا لو عمدنا إلى حذف أو اجتزاء أي منها لواجهنا اختلالاً واضحاً في المعنى، وفي معرفة الحدث أو الشخصية. وللأغنية في سياقها الروائي دورها ودلالتها، وقد تتشابه المهام في صورتها العامة لكنها تختلف من حيث التفاصيل، وهو ما يعكس دقة الاختيار وعمق الوعي لدى "القاص".
ومن المهام التي تنهض بها الأغنية سعيها "لقول أشياء ربما عجزت الرواية عن قولها"(10)، وكشفت ما يدور في خلجات الشخصية، وهو ما تجسده أغنية "مرسال" المتدفقه من المذياع:
" أزمة ولا زالت
عروقها سبحت
وفروعها طالت" (11).
والتي هي في الأصل محرفة من "أزمة وعدت" كما تخبرنا الشخصية فيما بعد وإنما جاءت بهذه الصورة لكي تتمكن من التغبير عن مشاعر وأحاسيس إنسان يعاني من أزمات، وهموم لتحمل في مضمونها هموم، وأحزان الشخصية. وقد كان لتحريف الأغنية دوراً فعالاً مكنت البطل من التعبير عن مدى استيلاء الهم على مخيلته، ووجدانه حتى أنه لم يعد يسمع الأشياء كما هي.
وتلعب الأغنية دوراً آخر يتمثل في التمهيد لما يليها من أحداث وهو ما نجده في أغنية أبو بكر:
زمانك زمانك
يعرفك بالناس
وبالناس تعرف زمانك (12).
فهي لا تسعى إلى التخفيف من وطأة مما هي عليه زوجة البطل كما يقال، وإنما تذهب إلى أبعد من ذلك، من خلال تمهيدها لما يليها من أحداث وهو ما تحقق مباشرة بقطع التيار الكهربائي على يد عامل الكهرباء الذي لم يشفق على هذه الأسرة المنكوبة، والمغرقة بالهموم والأزمات فضلاً عن تمهيدها للمستقبل ا لبعيد، ولما سيليها من أحداث إلى نهاية الرواية حيث تكشف ا لأحداث عن أنواع الناس والأزمنة.
"والأغنية تتغير بتغير الحدث (13). فالحدث الذي يشوبه الحزن والألم تختلف أغنيته عن الحدث الذي يوحي بالسعادة، والطمأنينة، الأغلبية تأتي موافقة ومطابقة ومساندة للحدث، وللحالة التي تسيطر على الشخصية. وإذا كانت أغنية "مرسال" السابقة قد جاءت موافقة ومعبرة عن الحزن والألم فإن أغنية "أم كلثوم" وأغنيت "فيروز" كانتا مجسد لمعاني ومشاعر الفرح، والطمأنينة، ومؤكدة للحدث المتمحور في جلوس البطل مسترخياً على شاطئ البحر مستمتعاً بالاستماع إلى برنامجه الإذاعي المحبب برنامج الصباح. وتسهم الأغنية في الكشف عن ملامح الشخصية، وهو ما يبرز في أغنية فيروز:
والجيب ما فيش ولا مليم
بس المزاج رايق وسليم
باب الأمل بابك يا كريم (14).
حيث تشير إلى الحالة المادية للبطل، فهو هنا ربما يعاني من أزمة مالية أو ربما في ذلك إشارة إلى شدة فقره وفيها أيضاً تعبير عن مشاعره وأحاسيسه التي تبدو في كامل طمأنينتها التي تسودها القناعة والرضا بما هو مقسوم. وفي السطر الأخير تبدو قوة إيمان البطل وشدة تفاؤله وعدم يأسه من المستقبل. فالبطل لم يشأ أن يفصح لنا عن ذلك وأوكل الأمر إلى الأغنية.
وتقوم الأغاني الثلاث السابقة الذكر بمهمة الكشف عن الزمن وجذب المتلقي للتفاعل معه، وذلك بما تحتويه من ألفاظ وجمل تشير إلى الصباح وتدل عليه "تكرار لفظة الصباح – البادية- الديك بيدن كوكوكو – الفجرية –الحلوة دي قامت تعجن – على باب الله – فتاح يا حليم (15)، وهو ما يجعل المتلقي يحس بالزمن. وهو ما أكسب المشهد شيئاً من الحيوية والقدرة على جذب المتلقي والاندماج في الزمن والحدث والتفاعل معهما.
وبآلية الإيحاء وكغيرها من الأغاني فقد ساهمت الأغنية السابقة في التمهيد للأحداث ملمحة لحدث جديد تمثل فيما بعد بقدوم المخبر "سعيد" لتتبدل الفرحة والسرور إلى خوف وريبة. وكأن الأغنية قد جاءت كتعويذة من شر ذلك اليوم، وهو ما توحي به "بس المزاج رايق وسليم" و"فتاح يا عليم" و"صباح الخير يالي معانا".
وتستخدم الأغنية في جانب آخر كمعادل موضوعي لتجسيد الواقع وللتعبير عن أفكار ورؤى ومواقف الشخصيات، وأيضاً لنقل الثقافة الشعبية، وهو ما توحي به وتشير إليه أغنية عسكر السلطان القعيطي التي كانوا يتغنون بها في أفراحهم وانتصاراتهم.
حكمنا على الحضري – يأخذ حضرية
والعبد له جاريَّة – والصومالي صومالية (16).
وقد وردت الأغنية في حوار داخلي ينتقد فيه البطل طبيعة وسلوك شخصية المخبر سعيد الذي يرمز للشخصية الانتهازية والمتخفية وراء قناع الشعارات؛ ممثلاً آنذاك بالاشتراكيين الذين يدعون حرصهم على مصالح وحقوق البسطاء من الناس، وهم في تصرفاتهم يمارسون عكس ذلك، ربما أن "البطل، يريد القول بأن الناس تربوا على مثل تلك الثقافة العنصرية الجائرة، لا يمكن أن يحرصوا على مصالح البسطاء، وربما أيضاً كان يريد الإشارة إلى تكرار الزمن، وبأن سعيداً وأمثاله ليسوا حديثي عهد، إنما هم من أحفاد أولئك الظلمة ونماذج أخرى لهم.
ويبرز من طيات ا لأغنية الجانب الاجتماعي في المكلا، وفي اليمن عامة من خلال تعرضه وتوضيحه للتقسيم الطبقي والنعرات القبلية والاجتماعية، وبعد ذلك، فإن الأغنية قد كشفت عن موقف البطل من تلك الثقافة العنصرية وهو موقف رافض لها.
وتواصل الأغنية دورها في الكشف عن ملامح شخصية البطل، فيبدو لنا في أغنية أخرى: قوي العزيمة شجاع لا يأبه بالمخاطر، ولا يعير التهديد والضياع أي اهتمام وهو ما لمحت إليه أغنية المحضار:
ليخربوا دار بصعر با يخربونك
خذ خمسْ خذ عشْر لا بد لك من خراب (17)
وهي الأغنية التي رد بها على تهديد المخبر "سعيد" له بالضياع والسجن.
وفي أغنية "فيصل علوي" المسجلة على شريط يخص البطل تتكشف لنا فيه رقة البطل وشغفه بالحب وليس بالسياسة (18) كما أن الأغنية وفرت على البطل وعلى النص الروائي كلاماً كثيراً، وذلك لأن سعي المخبر قد اتخذ من شريط الكاسيت ا لتي وردت فيه الأغنية وبعض الأشعار الغزلية المهداة من البطل لحبيبته - اتخذها إدانة لانشغال البطل بالسياسة في زمن مضى. وكأن الأغنية والأشعار تردُّ على "سعيد" لتقول له بأن "البطل" في واد آخر بعيداً كل البعد عن السياسة وأن الشريط بأغنيته وأشعاره لدليل براءة وليس العكس.
وتعاود الأغنية - من جديد - رسم ونقل مشاعر وأحاسيس "الشخصية/ البطل" بصورة تجعل المتلقي أكثر ارتباطاً وتأثراً وانفعالاً بالنص، وهو ما نلاحظه في أغنية راحَ يغنيها وهو رهينة السجن "الزنزانة":
وتكاثرت الأشواق عندي بالبكاء
يا عين صُبي، وحِن وُون يا قلبي المحزون
ليلك وصبحك وأشرعي يا نار
وسط الجوف شبي
"السجن" لي شتتت وفرق بين الاثنين (19).
فالبطل لا يريد أن يصف لنا عذابه وحسرته وشدة ألمه، فراح يتغنى بتلك الكلمات. ومما يجعل من الأغنية أكثر إيهاماً بواقعية المشهد والحدث هو استبدال كلمة "البعد" التي هي من صلب النص الشعري بكلمة "السجن". وتصف لنا الأغنية أيضاً حالة البطل فيبدو فيها ضعيفاً منكسراً مستسلماً لا ملاذ له إلا البكاء كما أنها تعبر عن حدة الشوق لديه وقد تكاثرت الأشواق ربما لزوجته وربما لمدينته وربما للحرية.
وإذا كانت الأغنية السابقة قامت بوظيفة نقل مشاعر الحزن والألم والضعف واليأس والتمهيد لنهاية تعيسه فإن الأغنية التالية لها عبرت وبشرت بغير ذلك وبعكسه أيضاً:
نسنس على الصوت يا عاشور
يكفي من أحزان بي وكدور
سلوتي لا ضقت في مغناك
يا غصن زاهي قرب مجناك (20).
وسواء عرفنا أم لم نعرف نوعية الحدث الذي أنشد فيه "البطل" هذه الأغنية فإننا - وبلا شك - سوف نلمح فيها نغمة التفاؤل والفرح والاستبشار والسعادة أيضاً. إنها أغنية تشع بالحيوية وتبعث على الفرح وهو فعلاً ما يتناسب مع الحدث الذي تخلص فيه "البطل" من "القلق والتوتر والخوف" وبعد تفهم "الضابط" المحقق معه لأفكار البطل. ولا تكتفي الأغنية بإشاعة جو الفرح والسعادة على الحدث وحسب، ولكنها تساهم بنفس آلية التمهيد في التهيئة لحدث جديد. فقد جاءت بمثابة إعلان عن انتهاء حالة الحزن والألم وبداية عصر وزمن جيدين ينبضان بالطمأنينة والسرور وهو ما توحي به ألفاظ الأغنية خاصة في "نسنس – يكفي". وتكشف الأغنية عن نوعية الحدث وأهميته بالنسبة للبطل فهو من جهة، بداية السرور ووأد الحزن وهو اقتراب شيء كان البطل يتوق إليه ويحلم به وهو ما يحوي به السطر الأخير "قرب مجناك" وهو ما كشفت عنه السطور اللاحقة للأغنية وما تحقق بالفعل فيما بعد عبرَّ عن اتجاهين، يتمثل الأول في عودته إلى مدينته ومسكنه والتئام شمله مع أسرته وأصدقائه وانتهاء حالة التشرد والاغتراب والثاني في انتهاء عصر الفوضى والتمترس وراء الأيدلوجيات وسيطرة القانون ومعاقبة الخارجين عنه.

المبحث الثاني:
وللأغاني مجتمعه وظيفة ودلالة عامة تتجلى في النقاط الآتية:
- تساهم الأغاني مجتمعةً بحضورها المكثف في الكشف عن ملمح مهم من ملامح البيئة الثقافية "للمكلا" المدينة ولليمن عامة تلك البيئة التي تزخر بموروث غنائي كبير سماعي "صوفي" وموسيقي يمثله عدد كبير من الفنانين والفنانات؛ حيث يعد الغناء سمة بارزة ومهمة من سمات المكلا ولهذا فقد كان حضور الأغنية في السياق الروائي عنصراً فاعلاً بل أني أرى أنه قد كان ضرورياً لاكتمال واتضاح الصورة ولخلق نوع من التفاعل مع النص لدى المتلقي. فقد كانت الأغنية جزءاً مهماً من جزئيات الصورة العامة "للمكلا".
- إن الأغنية قد تمكنت من تجسيد كافة جزئيات البيئة الاجتماعية والثقافية في المكلا بتعدد مشاربها الثقافية، وتباين الذوق تجاه الغناء. وبصورة أوضح فإننا نستطيع القول: إن كافة الشرائح الاجتماعية والثقافية كانت حاضرة من خلال الأغاني المتعددة الأنواع؛ فهناك الأغنية الشعبية المغرقة في شعبيتها والمنفلتة قليلاً وكثيراً عن الشعبية وهناك الأغنية الراقية المشبعة بالعاطفة وكذا الأغنية ذات النفس الصوفي، ولا تخلو الرواية من الأغاني العربية التي تؤكد حضور الشريحة المثقفة والمتأثرة بالثقافة العربية، وفضلاً عن ذلك فإنها؛ أي الأغنية قد جسدت التعددية الثقافية وعبرت عنها.
- تخلق الأغنية لدى المتلقي حالة من التواجد مع النص ومع المكلا - المكان والإنسان والثقافة - وتقدم نموذجاً من نماذج ثقافة المكلا للمتلقي وذلك من خلال حضور جملة من رموز فناني المكلا واليمن أمثال "مرسال – أبو بكر بالفقيه- أغنيه سالم – شاعر الأغنية وملحنها المحضار" وأيضاً من خلال إيراد أغنية عسكر السلطان القعيطي التي تربط المكلا بتاريخها، وتربط المتلقي بالمكلا من جهة أخرى.
- يعكس الحضور المكثف - للأغنية إلى جانب ذلك الاهتمام الغير عادي من قبل البطل والكاتب معاً بالغناء - أهمية الأغنية والغناء ليس في البيئة المكلاوية أو اليمنية وحسب بل والحياة الإنسانية عامة. والرواية هي في معنىَ من معانيها تجسد ا لحياة أو حياةً ما بكل تفاصيلها. والأغنية هي - بلا شك - جزءٌ من تلك الحياة بل أنها عنصر مهم يعمل على كسر رتابة الحياة من حيث هي وسيلة للتعبير عن المشاعر والأحاسيس والآمال الإنسانية. أيضاً للتخفيف من حدة الألم والحزن وهو ما أكده "البطل" في أكثر من موضوع، وحينما رأى في الغناء حاجة إنسانية وملاذاً يأوي إليه ولساناً يترجم حاله.
- وقد كان للأغاني دور مهم وبارز في تشكيل وخلق الإيقاع الروائي؛ فقد ساهمت بفاعلية في عملية الاستهلاك والعروض والصعود وكذا الذروة والحبكة والأحداث، وفي تقديم الشخوص، وكذلك الحوار. فكانت تقنية روائية ناجحة وفاعلة. ويتجلى الإيقاع بصورة عامة وواضحة في الأغنية الأولى والأخيرة. فالأولى تشير إلى وجود أزمة والأخيرة توحي بانفراج الأزمة. فهناك استهلاك وهناك أيضاً خاتمة وما بينهما تتفاعل بقية عناصر الإيقاع وتنمو.

فهرس الهوامش والمصادر:
1. في نظرية الرواية د. عبدالملك مرتاض، صـ1 بتصرف.
2. م- نفسه صـ13.
3. م. نفسه صـ13.
4. النقد الأدبي الحديث وخطاب التنظير د. عبدالإله الصائغ، صـ 313.
5. م. نفسه صـ313.
6. م. نفسه صـ314.
7. في نظرية الرواية صـ12.
8. النقد الأدبي الحديث وخطاب التنظير صـ 314.
9. م. نفسه صـ 316.
10. م. نفسه صـ 316.
11. رواية المكلا صـ15.
12. م. نفسه صـ17.
13. النقد الأدبي الحديث وخطاب التنظير صـ316.
14. رواية المكلا صـ33.
15. م. نفسه صـ 33.
16. م. نفسه صـ35.
17. م. نفسه صـ46.
18. أنظر م. نفسه صـ54.
19. رواية المكلا صـ80.
20. م. نفسه صـ125.
21. أنظر م. نفسه صـ124، صـ125.
22. راجع المبحث الأول حيث سبق أن أشرنا إلى الوظيفية الأدائية لكل أغنية..









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "كتب ودراسات"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024