الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 10:37 م - آخر تحديث: 04:16 م (16: 01) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
ثقافة
المؤتمر نت - هشام سعيد شمسان- أديب وناقد يمني
بقلم : هشام سعيد شمسان -
التصوير البصري، وفنّ الوصف في:<قنديل الزقاق>
ثمَّة كثير من الشباب المبدع لا زال – حتى الآن – وراء الكواليس: البعض من هؤلاء يرفض أن يظهر نفسه لاعتقاده بأن هذا الظهور قد يقتل موهبته – وهو يوازن بين بين ما يكتب، وما ينشر من غثاء بين دفات الصحف، والمجلات؛ فيأتي ظهوره مفاجئاً – أحياناً – عبر مؤلفات كتُبيّة، أو قد لا يظهر أبداً. وأما البعض الآخر فإنه يظل بمنأىً عن الوسط الإبداعي لأنه لا يجد تلك الأيادي التي يمكن أن تمتد إليه وتقدره، وبالتالي تنعش روحه؛ فيخطو الخطوات عن دراية بما يكتب، ومثل هذا النوع قد يظل مركوناً على الهامش من الإبداع، أو يظل في الخفاء حتى يصاب بالقنوط؛ فيعود أدراجه حاملاً بين أنامله جثة طفل مختنق.. وثمة وعلى مرأى تقف كثير من تلك الأسماء التي تدعونا إلى التقرب منها لاستجلاء عوالمها المكنونة، ومن أولئك أرى "محمد المقطري" أحد الشباب الذين يكتبون القصة القصيرة متجاوزين بدايات الملامسة الأولى تلك التي تحول دون تقدّم الكثير من الشباب لاحتياجها إلى كثير من الصقل، والتوجيه، والقراءات الإنتاجيَّة في المجال المتواصل به، ولكنَّ "محمد المقطري" موهبة تجاوزت التخوم الشوكية التي عادة ما تقف أمام البدايات، أو الانطلاقات الأولى، وبقصته "قنديل الزقاق"(*) نراه يسترخي بكل ثقة على بوابة القصّة القصيرة، وقد أمسك بمعظم مفاتيحها، وأدواتها المؤثثة – بكسر الثاء- التي تؤهله للاستكانة إلى عالمها الحداثي بكل أمان.. وفي قصته – هذه – يستند إلى كثير من منجزات القصة، أو النص الحديث "السردي" ومنها: التصوير البصري المعتمد على فن التصوير الذي يعد أهم لوازم النص الحديث – إذا ما أُحسن استخدامه على المستوى الجمالي – إلى جانب الوصف الفني للأشياء، والموجودات بتفاصيلها الجزئية، أو الصغيرة، ناهيك عن "محدودية الفكرة بحادثتها الصغيرة المكثفة فنياً، وكذلك التصوير المعتمد على الظلال النفسي، واللغوي، والذاتية العالية الصوت، وكذلك الافتتاحية التصويرية الشادَّة للقارئ، والخاتمة المفتوحة التي تترك أثراً عميقاً لدى القارئ:
"كان المكان خالياً إلا من نباحات واهنة لكلب جائع، وقنديل يتدلى في السماء وفراغ هائل.. (النهاية)".
وكل ما سبق من أدوات، أو لوازم استخدمها القاص كاشفاً من خلالها قدرة كامنة على التأصيل الإبداعي، وإلى درجة تعطي مؤشرات أولية على أن ثمة موهبة قابلة للتحقيق على مر الآتي من الأيام، إذا ما أخلص لها قراءةً، واستبطاناً، وتعمقاً. ويهمنا – هنا – أن ندلِّل، ونعلِّل على أن "القاص" قد تجاوز – بالفعل – البدايات الابتدائية إلى المفتتح التأسيسي لفن القص من خلال الأدوات التي أصَّل بها قصته:
"كان يعني بالنسبة لي أشياء كثيرة: المساحة الضوئية الواسعة التي تمتد من أول الزقاق وحتى نهايته، المجال البصري الفسيح أمام عيناي المتعبتين..." ففي هذا التعبير الفني الذي افتتح به القصة يتراءى لنا مشهدٌ تتلاقح من خلاله الريشة، والكاميرا، والكلمة المعبَّرة التي استطاعت أن ترسم هذا المنظر اللطيف، الذي غُلٍّف بالظلال النفسية المضفية على المشهد البصري المنقول لأزمة التأثير المطلوب.. وهو – كذلك – يحاول الاستفادة من الوصف الفني المفصِّل لأجزاء الرؤية كجانب أضاء لنا كثيراً من التفاصيل، وكتكريس للمكانية التي يحتاجها الزمن القصصي كما في نحو قوله:
"الكتب المتراصّة بدقة، والمشكلة بساطاً تداخلت ألوانه".. ونحو:
"الأحجار المرصوفة؛ وغير المتساوية القطع، عدد الكلاب، كمية الضوء العاتمة في الأثير، وعدد النوافذ المفتوحة على النسمات، وتلك المغلقة على أشجان العشاق، وعلى نساء بجمال العيد....".
وهو هنا لا يكتفي بالوصف التفصيلي فنياً، بل يمزج بين ثلاثة أشياء: التصوير البصري، والوصفي، والظل النفسي والفني اللذان نلمحهما من خلال تعبيري " أشجان العشاق، نساء بجمال العيد".
وعلى وجهٍ ما حاول "القاص" أن يعقد أُلفةً بينه وبين "ألقنديل" متعالقة بحالة وجدانيَّة تأمليَّة ألقت على دواخل النص كثيراً من الحياة النابضة، حيث جعل الناص من "القنديل" نقطة انطلاق نفسيَّة يتحرك من خلال "رمزه" إلى الوجود الخارجي الممتد ما بين نقطتين هامتين: الحديقة والحانوت، ثم ما يقع بينهما من التفاصيل البصرية التي يخلع على مجملها القاص إيحاءات نفسية، ومجازية متلازمة.
فالقاص يشخص القنديل بجعله: يتأمل، ويحنق، ويعشق، ويظمأ، وينظر. وفي ذات الأوان يربط القاص ما بين هذه الشخصيات المجازية ونفسيته الاشتهائية التي تتطلع إلى تحقيق رغائبها المكبوتة من خلال أفعال القنديل المؤنسن من نحو "اختلاس النظرات إلى الشباك المجاور".. ولعل هذه التشخيصات المتعديَّة، من الصور النادرة التي يقل ورودها في كثير من النصوص التي تمزح ما بين الفني، والنفسي، فتعبير من نحو "يختلس نظرات ظامئة إلى الشباك المجاور" يفترق كثيراً عن تعابير من نظير:
"يمتد الزقاق كصندوق" "تتوقف قدماي" تتوغل العديد من ثعابين الأزقة الملتوية" وبالرغم من اشتراك الجميع في مدخل المجاز الفني إلا أن التعبير الأول يتفوق كثيراً، لأنه منظور إليه من بُعدين جماليين، بينما ما تلاه منظور إليها من بُعد جمالي واحد.. ولا مجال للمقارنة – مثلاً – بين قوله " نساء بجمال العيد" وقوله: "حديقة تتضرج بالكتب" ولنفس السبب السالف يفترق التعبيران..
وخلاصة القول:
إن قصة "قنديل الزقاق" - بفكرتها ذات البعد الذاتي المتأمل - تحتل موقعاً متقدماً بين القصص الحداثية لامتلاكها لأكثر أدوات القصة المعاصرة التي ذكرناها، مبتدءاً، ولكن وبالرغم من ذلك يهم القاص أن يتعرف إلى بعض جوانب الإخفاق التي صاحبت قصته، والتي تقع على مستوى هام هو المستوى اللغوي بشقيه: التركيبي المعنيُّ بتأليف المعاني، أو التركيبي "المفرد" الممثل بالمجال النحوي.. فعلى مستوى المجال الأول أُعيد المسرودات التالية مع تصويبها:
"حديقة مهملة تتضرج أرضيتها بالكتب" فلفظ "تتضرج" تعبير منفر يرتبط بمشاهد الدماء أكثر ولا يتواءم مع أرضية الحديقة الخضراء.
"حتى لا يسيح على البلاط" لفظ "يسيح" من التعابير المائية، ولا يناسب تفرق الكتب مع عدم الإحكام.
"يتأمل العابرين بحنق" تعبير "الحنق" لا يناسب العطاء الممثل بـ"الدفء الحنون" الصادر عن القنديل.. كما يعطي للقنديل صفة الحسد، وقد جعله القاص رمزاً للمنح الدائب.
أما على مستوى البنى النحوية فنجد الخروقات التالية:
"المتعبتان" – "المروجون" ، "قماشاً" مبتل" وعلى القاص محاولة تصويبها، وثمة أخطاء أخرى من نحو " تتظرج" بالظاء – وعدم ا لانتباه للمعقوفات الخاصة بالأسماء ... نحو "حانوت"، "الحديقة" "كتاب"....
مع تنبيه القاص إلى ضرورة تلافي مثل هذه الأخطاء مستقبلاً، لأنها وببقائها، وظهورها تشكل أحد العوائق التي تحول دون الاستمتاع بالنص الأدبي المقروء....
* هذا النصف فاز بجائزة رئيس الجمهورية بعد فترة وجيزة من كتابة هذه الورقة النقدية.









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "ثقافة"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024