الخميس, 18-أبريل-2024 الساعة: 10:30 م - آخر تحديث: 07:17 ص (17: 04) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
ثقافة
المؤتمرنت - هشام سعيد شمسان -
فانتازيا البطل علوان (قصة قصيرة)

(1)
- مهلاً.. لا بد أن أعرفكم بنفسي أولاً:
أنا "علوان بن شداد" الحائز على المراتب الأولى في بطولات عدة للملاكمة، والمصارعة، وكنت ذات يوم أحد المنتدبين لتمثيل قريتي في مسابقات رفع الجلة.. ما زلت أتذكر آخر مواجهة جرت بيني وبين أحد لاعبي الكونغفو وقد جُدع أنفي برمته من جراء قدمه اليمنى، ولكن لا بأس فقد أخذت درساً قاسياً هو: أنني لا أقابل سوى محترف مثلي، يعرف كيف يصوب ضرباته ولكماته وصفعاته.
- لقد ولدت في قرية صغيرة جميع قاطنيها لا يأكلون سوى "الثريد" أو الشعير مع "القديد" عداي – أنا- فقد ولدتني أمي وأرضعتني حليباً قراحاً، ولكنها فطمتني بعد شهر واحد – فقط – لأنني عضضت ثديها الإيمن ذات مساء، ولم تعد ترضعني – بعدئذٍ – فقد اكتشفت أنني ولدت بأسنان ثلاث، واستبدلت ذلك بحساء القمح والبرسيم.
- لقد كنت لطيفاً، وطيباً، فعندما خرجت لأول مرة إلى شارع حينا – برفقة أخي الأكبر – التقت أخي على حين غرة – فلم يجدني إلى جانبه ، لقد فضلت التمشي بمفردي.
عاد أخي إلى المنزل كسير الجناح، لكنه كان مسروراً، فلم يبك، ولم يحزن لضلالي، بل كان مغتبطاً، لأنني لن أشاركه الطعام الذي تقدمه أمي له بعد الآن.. سارع أبي ورجال القرية للبحث عني، وبعد ثلاثة أيام وجدوني أرضع مع صغار "الكلبة" الطيبة التي ولدت لتوها، فأشفقت عليَّ وعدتني أبناً لها.. أتذكر أنني لم أعضضها كما فعلت بأمي ذات حين، وقد حاول أبي انتشالي من بين إخواني الكلاب لكنني كنت متشبثاً بأحد أثدائها.. زمجرت الكلبة في وجه أبي، وأهل القرية .. ومزقت سراوال أحدهم دون أن يدرك إلا وهم يومئون إلى مؤخرته ويضحكون، ولكنه ما إن فطن للأمر حتى سارع إلى التراجع وهو يهرول حنقاً وعة يشبع أبي سباً وشتماً.. وأخيراً وضع أهل القرية خطة محكمة لتخليصي، حيث تراجعوا إلى الخلف ثم هجموا هجمة رجل واحد على "الكلبة" التي ما إن رأتهم يتكورون نحوها حتى سارعت بالهرب تاركة صغارها بما فيهم أنا .. حاولت أن أتبعها لكنهم أمسكوا بي، فأذعنت لهم وأنا أهدد بالعودة..
(2)
- كنت – في طفولتي – أهوى ركوب الحمير، والبغال.. ذات مرة رفسني حمار عمي على وجهي لأنني ضربته من مؤخرته.. لمت نفسي كثيراً، وأنا أرقب الرعاف المتفصد ثرّاً، وغزيراً من أنفي، ولم أعد أضربه من مؤخرته بعد ذلك. وذات صباح ضبابي قمت بسرقة، بل استعارة بغل جارنا "مكرد" من حضيرته، دون علمه بذلك .. وظللت أتجول به هنا وهناك، وعندما أردت العودة قبيل الغروب فوجئت بجارنا العزيز، وهو يقف عند مدخل القرية بانتظاري .. شاهدته وهو يبتسم لي، وكنت خجلاً منه وهو يقوم بإنزالي ثم.. ثم.... وهو يربطني من يديَّ ورجلي، ويقدحني ببذاءة، وقد تركني مقيداً على جذع شجرة حتى الصباح.. لم يبحث أبي عني – هذه المرة – لأنه انشغل بأمي عند المساء، وكذا أمي لم تتذكر بأن لها ابناً غائباً عن المنزل لأنها كانت منهمكة بفستانها الأصفر القشييب الذي اشتراه لها أبي ليلة عرسها.
- كنت طفلاً محبوباً من قبل الجميع؛ باستثناء الجيران، ومعظم أهل القرية الذين كانوا يمقتونني.. لم.. لا أدري؟ ... كنت أحبهم لكنهم كانوا ينفرون مني، حتى وبعد أن أضحى عمري ستة عشرة سنة -عندما ضبطت يوماً وأنا أغازل إحدى فتيات قريتنا وأعترض دربها- تجمع حولي أناس كثيرون، وأشبعوني ركلاً ولطماً وقذفاً بالألفاظ.. كنت أحسب أبي سينتقم لي ببندقيته العتيقة لكنه استقبلني بصفعة أدمت فمي، وكادت أن تسقط أضراسي الستة. بكت أمي كثيراً لأجلي، ولكن أبي تقدم منها، وقبلها أمامي فابتسمت بحياء، ودخلا -معاً – حجرة مظلمة.. لا أدري ما سيفعلان؟ ربما سيهديها فستاناً جديداً.
- لقد كنت أحب أمي، ولكن أبي كان دائماً يقوم بتقبيلها عندما تنبري للدفاع عني فتصمت ويدخلان الحجرة معاً.. لا أدري ما يفعلان وسط تلك الظلمةالكالحة!!
- وذات ليلة باردة غاب فيها القمر قررت أن أقابل ذات الفتاة التي منعوني منها فهاجمني الوسن ورأيتها في منامي، واتفقنا – معاً – على أن تكون لقاءاتنا عند أحراش الوادي القريب لقريتنا، وظللت أنتظرها ثلاثة أشهر لكنها لم تأتي.. أخبرني صديق – لي – يقطن الحي المجاور بأن نفس الفتاة رآها ذات صباح وهي ترنو إليه، وتطيل النظر، وتقدمت منه قائلة: أتمنى لو أراك هذا المساء سراً.. ولم يعد يمر من أمامها من ذاك اليوم وقال: ربما سوف تشنقه أو تقتله، وإلا لما طلبت منه اللقاء سراً؛ حينها حاولت أن أتناساها بعد أن اكتشفت بأنها تخطط لقتل صديقي الوحيد. وصاحبت فتاة أخرى: رائعة الجمال، نزقة، ورشيقة، وعمرها ثمان سنوات، لم يحنق أهل القرية ولم يحتد أحد منهم وهم يرونني أتحادث معها، وأجذبها من شعرها، ولا أدري لِم لَم يحاول أهل القرية إيذائي ومنعي منها كما فعلوا قبلاً؟ ولكنني – مع ذلك – أخذت الحيطة فكنت لا أقابلها إلا في زريبة الأغنام الكبيرة التي يمتلكها خالي، وقد قتلها ذات ليلة؛ حين نظرت في المرآة فاكتشفت كم هي جميلة – فتاتي – أما أنا فأشبه جحش عمي في أنفه وأذنيه.. لم تقبض أو تمسك بي الشرطة، لأن لا شرطة في قريتنا، ولكن محكمة القرية قالت بأنني ما زلت قاصراً، وذهبوا بي إلى المدينة، وأودعوني مصحة عقلية، وبعد سنوات قيل لي بأنني قد شفيت من جنوني وعدت إلى قريتي وحيداً.
كانت أمي قد ماتت، وأبي قد قتله أحد العسس في مطاردة ليلية.. نسيت أن أخبركم بأن أبي كان يهرب الخبز والقمح، وقد ضبط يوماً وهو يسرق بنكاً في المدينة، وعندما حاول الهرب، تبعه العسس فقتل شهيداً". هكذا قال لي شيخ القرية.
أما حمارنا فقد بيع، وأكل أهل القرية كل ما في زريبتنا من أغنام وخراف.. لم يبق لي سوى عمي وحماره الخبيث، وكذا خالي، أما خالتي فقد أصيب بمس من الجنون لأن فاراً قفز إلى حجرها وهي نائمة.. أما أخي الأكبر فقد تزوج بامرأةٍ تشبهني وأمسى له من الأبناء خمسة عشر.. لم أزره فهو يمقتني مذ كنت صبياً، ولكنني طيب القلب فقد ذهبت إليه في اليوم التالي.
لكن زوجته طردتني بعد أن نظرت لوجهي وسلطت أولادها الخمسة عشر نحوي فمزقوا أرديتي جميعها.. لم أفطن للأمر إلا وأنا أنظر إلى إحدى الفتيات الصغيرات وهي تغطي وجهها بكلتا يديها، وتنظر لي من بين أصابعها وهي تضحك باستحياء.. واشتط بي الغضب، وأقسمت بأن أعود لأنتقم منها، ومن أولئك الشياطين، فكان أول ما فكرت به هو أن احترف الملاكمة والمصارعة، ولكن.. كيف؟
كانت أولى خطواتي هي أن أقوم بسرقة أحد الخراف، لأبيعه، وبثمنه أسافر إلى المدينة، وتحقق مرادي ذات ليلة حين دخلت زريبة الماشية التي يمتلكها أخي واخترت خروفاً سميناً وقدته خلفي وعلى مشارف القرية وجدت رجلاً فعرضت عليه إن كان سيعطيني بعض المال الذي يوصلني إلى المدنية مقابل أن أدع الخروف لديه .. قبل راضياً، ولكنني ولدي وصولي إلى المدنية كان جميع المال قد نفد، فقررت أن أبحث عن عمل، فاشتغلت بمهنة "الشحاذة" حين لم أجد عملاً يتناسب ومهاراتي المتعددة، وبعد سنين عدة كنت قد جمعت مالاً كثيراً.. كثيراً.. والتحقت بنادٍ للملاكمة، ونلت إعجاب المدربين، وزملائي، وقويت عضلات يدي وصدري، وكانت لي الكثير من الصولات.. والجولات.
ففي ذات يوم زارنا "التلفاز" الفضائي، وكنت أحد الذين تصدروا الشاشة بمشاهد الملاكمة. لا جرم أنني خرجت من الحلبة إلى المستشفى، لكن ذاك لا شيء أمام انتصاراتي المتلاحقة، وقررت أن احترف المصارعة إلى جانب الملاكمة ونلت شهادات عليا، وصرت بطلاً يشار إليه بالبنان.. صحيح أنني فقدت إحدى عيني في إحدى المنازلات الدموية؛ إلا أن جسدي ما زال قوياً، ويداي تستطيعان تحطيم رأس زوجة أخي وأولادها الخمسة عشر.
• قبيل سفري إلى القرية نصحني أحد الأصدقاء بأن أغفر لزوجة أخي، وأولادها لكني كنت عزمت، وأقسمت أن أنفذ مأربي الذي انتظرته طويلا.. وحزمت أمتعتي متجهاً صوب القرية الظالمة.. لكنني ما أن وصلت إلى مشارفها حتى اصدمت عيناي.. عفواً أعني "عيني" بجنازة مهيبة يتقدمها أخي،وأدركت –بعد إذٍ- بأنها هي نفسها زوجة أخي.. دهشت كيف تموت هذه اللعينة قبل أن أقتلها بيدي ، وقد زال استغرابي عندما قص لي أحدهم الحكاية. فقد تشاجرت مع امرأة أخرى وأثناء الشجار عضت لسانها فبلعت جزءاً منه، وظل الباقي ينزف حتى فارقت الحياة.. لكنني لن أغفر لها الإثم المقترف في حقي وعزمت على أن أذيق أبناءها الموت الزؤام. حزمت أمتعني متجهاً صوب منزل أخي لحسم الأمر.
- توقفت ملياً أمام المنزل، وأنا أحملق في مشهد لم تتعوده عيناي.. بل عيني.. هاهم الخمسة عشر قد تناسلوا وتناثروا وأصبحوا ثلاثين. وأنا أرقب هذا المشهد المروع رق قلبي العظيم، وقررت أن أغفر لهم وأصفح عنهم، وأتناسى جميع الماضي.. عهدي بنفسي طيب الوجدان، والفؤاد، ولكنني وقبل أن ابتسم في وجوههم المتحفزة، وأمد يدي إليهم كان الملاعين قد أحاطوا بي كما المعجبون.. صرخت فيهم: إنني أكره العنف، وتخيفني مشاهد الدماء.
• جُنَّ الليل فجأة، ولم أدرك ما الوقت؟. ظننت أن خسوفاً ما أو كسوفاً قد أصاب الشمس، لكن تحسسي لثقب أعلى أنفي جعلني أوقن من أن عيني الوحيدة هي التي قد كسفت الكسوف الأخير.
تحسست الأرض تحتي باحثاً عن عصا.. ما إن وجدته حتى انتصبت، وأدرت وجهي جهة لا أعلمها..
فهذه هي قصتي – قصة البطل علوان..









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "ثقافة"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024