الخميس, 25-أبريل-2024 الساعة: 08:00 ص - آخر تحديث: 01:26 م (26: 10) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
أردوغان رئيساً



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


أردوغان رئيساً

الثلاثاء, 24-أبريل-2007
نصر طه مصطفى* - أحياناً لا يمكنك فهم الضجة المثارة حول قضية سياسية ما لاعتبارات أوضح من الشمس الساطعة في كبد السماء كما يقال، ومن ذلك تبدو غريبة هذه الضجة الكبيرة وغير المفهومة حول رغبة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية التركية، وهو الذي يمتلك حزبه (العدالة والتنمية) ثلثي مقاعد البرلمان التركي، وكل ذلك بحجة القلق والخوف على النظام العلماني المحمي بقوة الجيش وليس بقناعة الشعب التركي. وبدا الأمر كما لو أن القول المأثور (وما يضير الشاة سلخها بعد ذبحها) ينطبق عليه تماما، بمعنى ماذا سيشكل وصول أردوغان لمنصب رئيس الجمهورية من خطر على النظام العلماني بعد أن أصبح رئيسا للوزراء في ظل أغلبية كبيرة غير مسبوقة في التاريخ المعاصر لتركيا، خصوصاً إن علمنا أن الطابع البروتوكولي يغلب على منصب رئيس الجمهورية في تركيا بحكم الدستور، رغم أن الدستور يمنحه أيضا صلاحيات مهمة ومؤثرة خلاف الأنظمة البرلمانية المشابهة له التي لا يكون للرئيس فيها أي دور سياسي مؤثر. ومع ذلك فإننا لا ننسى أن الرئيسين السابقين الراحل (تورغوت أوزال) و(سليمان ديميريل) أعطيا هذا المنصب فاعلية كبيرة بحكم البعد التاريخي لشخصيتيهما في حين فشل الرئيس الحالي (أحمد نجدت سيزار) في مواصلة الدور نفسه خصوصاً بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى البرلمان بأغلبية الثلثين التي نجح معها رئيس الوزراء أردوغان في تحجيم دور الرئيس الذي لا يمتلك تأثيرا يذكر سواء في الجيش أو في البرلمان.

كل ذنب رئيس الوزراء التركي الحالي رجب طيب أردوغان أنه ذو جذور إسلامية، لكن هذه الجذور لم تحل بينه وبين الوصول لأهم منصب سياسي في بلاده، ناهيك عن أنه ليس أول إسلامي يصل إليه، فقد سبقه (نجم الدين أربكان) عام 1996م، لكن هذا الأخير لم يحظ بنفس شعبية تلميذه (أردوغان)، كما لم يحظ حينها بنفس عدد المقاعد التي حصل عليها أيضا، إضافة إلى أن تجربة أربكان في الحكم أجهضت بعد أقل من عامين، لهذا السبب وعجزه عن تشكيل الحكومة بمفرده. ومن الواضح أن أردوغان استفاد كثيراً من تجربة أستاذه ونجح في توظيف سمعته الجيدة وشعبيته الكبيرة التي اكتسبها أثناء فترة رئاسته لبلدية اسطنبول باتجاه تأسيس حزب جديد بعد حل “حزب الرفاه” ومن بعده “حزب الفضيلة”، وحرمان أربكان من العمل السياسي، متجنباً كل الثغرات الدستورية التي يوظفها القضاء التركي لمنعه من النشاط السياسي، ومع ذلك لم يسلم الرجل من هكذا حكم فعندما فاز حزبه قبل خمس سنوات بالأغلبية النيابية كان أردوغان محروما من العمل السياسي رغم أنه رئيس الحزب، الأمر الذي أدى إلى تولي نائبه عبدالله غول منصب رئيس الوزراء حتى نجح الحزب بأغلبيته في إسقاط الحكم القضائي وتعديل الدستور فانتقلت رئاسة الحكومة إليه بشكل تلقائي منذ ذلك الحين.

مشكلة النظام في تركيا أنه لم يأخذ بالنموذج العلماني الأوروبي كما هو، إذ إنه لم يأخذ عنه سوى مبدأ فصل الدين عن الدولة بعيدا عن المبدأ الديمقراطي الذي يكفل الحريات الشخصية بما فيها حرية التدين. فقد تحولت العلمانية التركية إلى نموذج للاستبداد السياسي المحمي بالقوة العسكرية، ولذلك جرت عدة انقلابات قادها الجيش خلال القرن الماضي بحجة الحفاظ على النظام العلماني، لكن المتغيرات الدولية في العقد الأخير من القرن العشرين وسقوط المعسكر الاشتراكي، وشيوع موجة الديمقراطية ومعاقبة الأنظمة الانقلابية، كل ذلك جعل الجيش التركي يحاذر من مغامرة الانقلاب مجددا الأمر الذي جعله يطيح بأربكان عن طريق القضاء، إلا أن حيلته هذه لم تجد نفعاً مع أردوغان الذي أجاد بحنكة حصار الجيش في ثكناته والحيلولة دون إعطائه أي دور سياسي، بل واستطاع أن يكسب تعاطفا أوروبيا وأمريكيا غير مسبوق، وأدخل بلاده في مفاوضات جادة لأول مرة تتعلق بانضمامها للاتحاد الأوروبي، كما أنه تمكن من الحفاظ على مستوى شعبيته تقريبا بما أحدثه من تحولات اقتصادية خففت من مستوى المعاناة المعيشية التي كان يعيشها شعبه.

أردوغان يعتقد بلا شك أن نموذج العلمانية الأوروبية هو الحل الوحيد لإخراج تركيا من حالة العلمانية الأتاتوركية التي تتصادم شكلاً ومضموناً مع الديمقراطية والحريات، وهذا الأمر قد يتطلب منه استكمال مشروعه هذا بتسنم منصب رئيس الجمهورية ليستطيع الهيمنة على كل مفاصل السلطة باعتباره واثقا من إمكان عودة حزبه للسلطة مجددا في أواخر هذا العام عند إجراء الانتخابات النيابية، حيث مازال يتصدر بقية الأحزاب السياسية من حيث مستوى شعبيته بفوارق كبيرة تضمن له الحصول على الأغلبية مرة أخرى بيسر وسهولة. ورغم الشروط الصعبة التي يضعها الدستور التركي لطبيعة العلاقة التي تحكم رئيس الجمهورية برئيس الوزراء وحكومته، فإن أردوغان يمكنه تجاوزها بسهولة خاصة أن العلاقة التكاملية التي ستنجم عن توافق الرؤى بين رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة ستجعل إمكان إجراء تعديلات مؤثرة في الدستور أمرا واردا بما يخفف من الكبت السياسي القائم تجاه حالة التدين التي تغلب على الشعب التركي باعتباره شعبا مسلما بنسبة تزيد على ال 98%.

فالدستور الحالي يعطي رئيس الجمهورية فترة رئاسية واحدة مدتها سبع سنوات ويعطيه عددا من الصلاحيات المهمة مثل رئاسة مجلس التعليم الأعلى ورئاسة مجلس الأمن القومي والموافقة أو رفض ترشيحات رئيس الوزراء لكبار موظفي الدولة، وغير ذلك من الحقوق التي يمكن أن تجعل من دوره مكملا لدور رئيس الوزراء في حال التوافق بينهما أو العكس في حال الخلاف بينهما.

من هنا تأتي أهمية ترشح أردوغان لمنصب رئيس الجمهورية الذي سينتخبه البرلمان في منتصف مايو/أيار المقبل، ومن هنا يمكننا معرفة أسباب مخاوف العلمانيين المتطرفين الذين ظلوا يحكمون السيطرة على مصائر الشعب التركي طوال السنوات الثمانين الماضية، وحيث تتعرض سيطرتهم هذه لأول مرة لمخاطر حقيقية يقفون أمامها عاجزين عن الحسم، إذ ليس أمامهم سوى الانقلاب العسكري لحماية مشروعهم العتيق الذي قد لا يجد التعاطف الكافي ليس من شعبهم فقط بل حتى من المجتمع الدولي، وفي مقدمته الأمريكيون والأوروبيون.
*الخليج الاماراتية
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024