أهمية هذه الحملة.. ومكمن قوتها حملة منع حمل الأسلحة وإدخالها إلى عواصم المحافظات دخلت شهرها الثالث قبل يومين وباستثناء الذين ينظرون للأشياء بعين عدو، فإن الحملة تبدو سائرة بصورة جيدة نحو تحقيق أهدافها، وهي أيضاً قد أسقطت كل المخاوف والشائعات التي رددها البعض عن مخاطر تطبيق القانون وقرار وزارة الداخلية بهذا الشأن، إذ ليس من أهدافهما مصادرة حقوق المواطنين في حيازة السلاح الشخصي بل يستهدفان الخارجين على القانون والعابثين بالأمن والاستقرار. وواضح أن المواطنين يتقبلون أي إجراء يحمي أمنهم واستقرارهم، والحملة نفسها أظهرت أن لا أحد خاسر بسببها وأن تطبيقها فيه مكسب واضح للجميع، والأرقام تقول الآن أن 27149 قطعة سلاح ضبطت حتى نهاية الأسبوع الماضي، وأن الحوادث الأمنية انخفضت إلى 112 حادثاً بحلول نهاية الشهر الأول للحملة بينما كانت في الشهر الذي سبقها 683 حادثاً وفي الفترة نفسها انخفضت حالات القتل من 63 حالة إلى 21 حالة والإصابات من 631 إصابة إلى 69 إصابة. على أنه لم يمر بعد وقت كاف للمتابع أو المراقب لكي يصدر حكماً جيداً على مستوى تنفيذ الحملة أو تطبيق قرار الوزارة على من اعتدنا تسميتهم بالنافذين الذين تعودوا التعالي على القانون وإحاطة أنفسهم بالأسلحة والمسلحين، فحتى الآن اصطدم القرار مع أربع حالات رفض وممانعة، هؤلاء رفضوا تسليم أسلحتهم لرجال الأمن الموجودين في مداخل العاصمة وعواصم محافظات أخرى، ولم يبق لهم رجال الأمن غير خيار العودة من حيث أتوا، وهذا هو واجب منفذي الخطة أو وزارة الداخلية، وأن تتشدد في ذلك حتى النهاية، وهو تشدد مطلوب أيضاً تجاه ضباط وأفراد الجيش والشرطة، وفي مقدمتهم الذين يسيئون استخدام سلطاتهم أو وظائفهم وحصاناتهم الجنائية ويقدمون على تصرفات تسيء لهاتين المؤسستين ولهيئة الدولة وثقة المواطنين. إن مبدأ سيادة القانون يقتضي التزام الجميع به وخضوع الجميع له وسريانه على الجميع وعلى قدم المساواة دون تمييز أو محاباة أو استثناء من أي نوع، ووزارة الداخلية حتى الآن تقوم بما هو صواب، والمواطنون مرتاحون ويدعمون إجراءاتها في تطبيق القانون وتطبيق قرارها بشأن منع حمل الأسلحة أو إدخالها إلى عواصم المدن، ولكن الوزارة عندما تسمح بالتساهل أو الاستثناءات والتمييز ستكون قد اضعفت نفسها وخسرت الدعم الشعبي وأخلت بمبدأ المساواة، وبالطبع لم يحدث شيء من هذا القبيل حتى الآن، لكننا نضرب مثالاً لما يمكن أن يصيب هذه الحملة من ضعف إذا لم تشمل إجراءاتها جميع الحالات أو إذا سمحت بالتساهل أو الاستثناءات تجاه النافذين أو المتعالين على القانون أو مقاومي قرار الوزارة. بقي أن نؤكد على أن الحاجة تستدعي صمود واستمرارية هذه الحملة حتى تحقق هدفها وأن تمتد فعاليتها لاحقاً لتشمل مختلف مناطق الجمهورية لأن الدواعي التي فرضت التفكير في إعداد وتنفيذ هذه الحملة في العاصمة وعواصم المحافظات توجد دواع مماثلة لها في المدن الصغيرة بل في مختلف مناطق البلاد وبالنظر إلى كثرة الأسلحة وسوء استخدامها، وبمعنى أوضح نعتقد أن حملة منع حمل الأسلحة وتقييد حرية حملها وحيازتها وتقليص مساحة انتشارها ينبغي النظر إليها بوصفها من الاحتياجات العملية أو الآنية، وفي الوقت نفسه هي من الاحتياجات الاستراتيجية بالنسبة لأمننا القومي واستقرارنا الداخلي ووحدتنا الوطنية أيضاً، وتوجد حولنا شواهد كثيرة عن المخاطر التي يمكن أن تهدد المجتمعات من قبل عناصر إرهابية أو مجموعات أو عصابات مسلحة، بل أن توافر الأسلحة في بعض المجتمعات قد ساعد مثل هذه المجموعات على إحداث هزات اجتماعية وسياسية في بلدانها، ولم يقلل من مخاطرها سوى أن هذه المجموعات تعمل في ظل ظروف إقليمية لا تصب في خدمتها، لكن مثل هذه الظروف قد تتغير لصالح هذه المجموعات عندما يحين الوقت لتوظيفها في مجال الصراعات الإقليمية أو الدولية. ومن هنا فإن حملة مكافحة حمل وانتشار الأسلحة تكتسب أهمية عملية آنية وكذلك على المدى البعيد أو الاستراتيجي لأمن واستقرار ووحدة المجتمع. *عن الثورة |






















