الأربعاء, 08-مايو-2024 الساعة: 01:26 ص - آخر تحديث: 11:40 م (40: 08) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
كلمات دامعة على راحل كبير



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


كلمات دامعة على راحل كبير

الخميس, 30-أكتوبر-2008
نصر طه مصطفى - كانت لحظة صعبة بالنسبة لي تلك التي سمعت فيها خبر رحيل الوالد الفاضل والمؤرخ الكبير والعالم الجليل ورجل الدولة القدير القاضي إسماعيل بن علي الأكوع الأسبوع الماضي، فقد كنت قريبا منه طوال السنوات الخمس عشرة الماضية وعرفته عن قرب فوجدته بالفعل كما سمعت عنه الباحث الدؤوب المحب للعلم المخلص له المجتهد في البحث عنه الزاهد الفاضل الشجاع في قول الحق والشجاع في الرجوع عن الخطأ -إن حدث-، وفوق ذلك فهو الرجل الحكيم الصبور والمفكر والمثقف الموسوعي الذي عرف عصره وحاضره وسبره وتعمق في شؤونه، كما تعمق في معرفة التاريخ فحققه وصوبه وبين صحيحه من خطئه...

إن رحيل هذا الرجل العظيم خسارة لا توازيها خسارة فمثله لا يعوضون مطلقا، فمن أين لنا برجل مثله شارف على التسعين وهو لازال مهموما باستكمال هذا البحث ومراجعة تلك الدراسة وتصويب ذلك المؤلف؟ إنه الصدق في العطاء والإخلاص في البذل والإتقان في العمل، فهذا السلوك الذي تربى عليه ونشأ وعاش وهو لا يعرف سلوكا غيره، ولهذا يصعب أن يتكرر مثل هؤلاء الرجال الأفذاذ.


منذ صباه أدرك الراحل الكبير القاضي إسماعيل بن علي الأكوع أن محنة اليمن وبلاءه يكمن في استمرار حكم الأئمة العنصري المتعصب، فانخرط في حركة الأحرار التي قادت أول حركة تغيير في 1948م كانت بمثابة زلزال أيقظ النائمين وبعث فيهم روح التمسك بالحياة في وجه الموت الذي اختاره الأئمة حياة لشعبنا ويا لها من حياة!
ودفع الراحل سنوات من السجن والتشرد في الخارج بعيدا عن وطنه ثمنا لمبادئه العظيمة مثله مثل كثير من الأحرار المناضلين الذين وقفوا بشجاعة في وجه ذلك الاستبداد الغاشم الذي يحكم باسم الدين، وباندلاع ثورة سبتمبر وقيام النظام الجمهوري وجد حلمه قد تحقق فعاد إلى وطنه بعد سنوات عدة قضاها في السلك الدبلوماسي مقررا ترك العمل السياسي والتفرغ للمجال الذي أحبه وهو علم التاريخ والآثار والمخطوطات، منطلقا من إدراكه اليقيني أن واجبه يحتم عليه أن يسهم في إجلاء الحقائق التي أخفاها الأئمة عن تاريخنا وحاولوا طمسها بشتى الوسائل والأساليب ناهيك عن محاولاتهم التي لم تنته لمسخ الشخصية اليمنية وسحقها... ومنذ ذلك الحين أنجز الفقيد الكبير العديد من الأعمال الهامة كتأسيس الهيئة العامة للآثار، وإنشاء دار للكتب، وإقامة المتحف الوطني، حتى قرر التفرغ للبحث والتحقيق وإنجاز حلمه الكبير كتاب (هجر العلم ومعاقله في اليمن) تلك الموسوعة الهائلة الرائعة التي لا يقوى على إنجاز مثلها إلا مراكز الدراسات ومؤسسات الفكر والثقافة والتي صدرت قبل سنوات قليلة وأصبحت مفخرة لكل اليمنيين بما احتوت عليه من معارف موسوعية لكل جوانب التاريخ الإسلامي اليمني، وإلى جانب (هجر العلم) فقد أنجز الراحل العظيم العديد من الدراسات والمؤلفات غير المسبوقة في مجالها... ومن خلالها جميعا حرص دوما أن يكشف الوجه القبيح للإمامة العنصرية برموزها وممارساتها وتحمل بسبب مواقفه المبدئية وكتاباته الجريئة الكثير من إساءات المتعصبين وتهديداتهم خاصة مع صدور كتابه الفريد (الزيدية نشأتها ومعتقداتها) الذي أثار حفيظة بقايا الإماميين ونقمتهم على الفقيد الراحل الذي كان لديه من قوة الشكيمة ما يجعله يواجههم وحيدا شامخا بفكره الإسلامي الإنساني المستنير المعتدل... ولم يكن هذا حاله وحده معهم بل هو حال كل حر أمام هذا الفكر المريض.
ولازلت أتذكر جيدا في أوائل ثمانينيات القرن الماضي كيف كانت بعض العناصر الإمامية داخل تنظيم الإخوان تقوم بتعبئتنا ولازلنا في مقتبل العمر ضد العديد من الشخصيات الوطنية التي قاومت الإمامة بالفكر والنضال كالقاضي عبدالرحمن الإرياني والقاضي إسماعيل الأكوع -رحمهما الله- والدكتور عبدالعزيز المقالح – أمد الله في عمره – تارة بأنهم باطنيون وتارة بأنهم موالون لليسار والعلمانية، ولم ندرك الخلفية الحقيقية لهذه التعبئة إلا بعد أن تفتحت مداركنا على مخاطر الفكر الإمامي والأساليب الخبيثة التي يمارسها دعاة هذا الفكر بمختلف اتجاهاتهم ضد كل من يواجهه بالحجة.


رحم الله فقيدنا الراحل القاضي العلامة والمؤرخ الفقيه القاضي إسماعيل بن علي الأكوع فقد رحل في وقت أحوج ما نكون إليه وإلى فكره المعتدل المستنير لكن عزاءنا أن كتاباته ومؤلفاته باقية معنا ترشد الأجيال القادمة وتنبهها إلى مكامن الفكر المتعصب المنغلق وتحذرها من مخاطره الشديدة على وحدة ومستقبل اليمن.

comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

إياد فاضل*ضبابية المشهد.. إلى أين؟

03

راسل القرشيشوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة

03

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024