الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 02:27 م - آخر تحديث: 11:21 ص (21: 08) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
التطرُّف .. ثقافة التمزُّق والكراهية



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


التطرُّف .. ثقافة التمزُّق والكراهية

الأربعاء, 30-يونيو-2004
بقلم-نصر طه مصطفى - لم نكن نحتاج لأن تنفجر أحداث صعدة لندرك تماماً مخاطر التطرف والغلو والتشدد على حياتنا وأمننا واستقرارنا ومستقبلنا .. وندرك كذلك أن التساهل من قبل الأجهزة المختصة في المعالجة المبكرة لمثل هذه الظواهر يؤدي إلى عواقب وخيمة ويزيد المشاكل تعقيداً وصعوبةً!
ومنذ اللحظة التي تم فيها تنفيذ القرار الشجاع بدمج المعاهد العلمية ضمن سلك التعليم العام، كان ينبغي البت في وضع المؤسسات الأهلية المعنية بكافة أشكال التعليم الخاص بالعلوم الإسلامية على اختلاف اتجاهاتها المذهبية والفكرية بدلاً من ترك الحبل على الغارب لها .. وليس المقصود هنا إغلاقها، ولكن المقصود توجيه أدائها ومناهجها بما يعمق الوحدة الوطنية والثقافية ونزع الألغام من محتوياتها العلمية بما يكفل إنتاج جيل موحد لا ممزق .. جيل مؤتلف لا مختلف .. جيل معتدل لا متشدد .. جيل يعمق المحبة والألفة لا الكراهية والبغضاء!
إن بلادنا، وبعد أربعة عشر عاماً من قيام الجمهورية اليمنية، رسخت تجربتها الديمقراطية التعددية بحيث أصبحت غير قادرة على التراجع وغير قابلة للانتكاس، لكن تعددية الأحزاب لا تعني تعددية مناهج التعليم، وهذا ما نعرفه لدى أكثر الدول عراقةً في ديمقراطيتها.
وبقدر ما أن التعددية السياسية والحزبية أسهمت وستسهم في ترسيخ الوحدة الوطنية، فإن تعددية التعليم المذهبي والفكري تظل الخطر الأكبر على مستقبل اليمن وأمنه وسلامه الاجتماعي واستقراره السياسي ووحدته الوطنية .. وهنا دائماً يبرز دور الدولة والحكومة في نزع مثل هذه الألغام التي ستعيد إنتاج الأمراض الاجتماعية والنزعات المناطقية والمذهبية وتخلطها بالعمل السياسي فتضيع الرؤية ويتيه الهدف ويضل المجتمع الطريق.
ولو أن وزراءنا ينشغلون بالرؤى الاستراتيجية ورسم الاتجاهات العامة ويتركون التنفيذ لكوادر مؤهلة وقادرة، لما ضاعت ثلاث سنوات منذ قرار دمج المعاهد في صيف 2002م، ورغم وجود سلطة محلية في كل محافظة منذ نفس الفترة، إلاَّ أن انشغالهم - وليس كلهم بالطبع - بالأمور الصغيرة وحرصهم على احتكار الاختصاصات والعمل بقاعدة «ما بدا بدينا عليه»، هو الذي يصنع الاختلالات في الأداء ويعيق تنفيذ الأهداف الكبيرة، ومن ذلك الوزارات المعنية بالحل الجذري لمحنة التعليم الأهلي المذهبي!!
ومن جانب آخر لنا أن نتخيل صورة اليمن بعد عشر سنوات من الآن لو أن هذه الظاهرة استمرت، وتصوروا أي مجتمع ممزق سيكون، وأي علماء فقه وشريعة سيفتون، حيث سنجد كل مذهب وقد تشتت إلى عدة فرق وطرق، وكلٌّ له أهواؤه ووسائله وأتباعه .. إنها صورة مجتمع الفتنة بامتياز .. فهل نرضى أن يعيش أبناؤنا وأحفادنا في ظل أجواء كهذه كلها رعب وخوف وقمع وترهيب؟!
إن التطرف والتشدد بكل أشكاله وصوره لم يكن له عبر التاريخ سوى نتيجة واحدة هي الفتنة، ولم يكن له سوى نهاية واحدة هي السقوط، لأنه يصادم سنن الله في الكون والحياة والإنسان، لكن هذه النهاية لا تأتي إلاَّ بعد أثمان فادحة ودامية .. ذلك لأن العلة واحدة كذلك .. ولا أستطيع أن أفهم لماذا لا يقرأ المتطرفون والمتشددون سيرة من سبقهم من أمثالهم ليعتبروا، حيث لا أحد يجيد صناعة العداء للحياة وللنفس الإنسانية كما يجيده هؤلاء، وفي أحيان ليست بالقليلة يفعلون ذلك من حيث يعتقدون أن ذلك هو ما يخدم البشرية ويحقق لها الخير والرخاء.
وإذا كان للمرء أن يتفهم أحياناً الأسباب التي تجعل هؤلاء المتشددين والمتطرفين يقعون فيما يقعون فيه من الغلو والعنف، فإنه لا يستطيع أن يتفهم إطلاقاً السبب الذي يجعل عدداً من الأحزاب السياسية، التي لا ينقصها الوعي والخبرة والتجربة، تقع في خطأ سياسي كبير بوقوفها على الحياد، بل وميلها للتعاطف مع شخص أشعل فتنة لا غبار عليها!!
هل يُعقل أن يكون السبب أنها لا تملك أي معلومات، رغم أن الإعلام الرسمي لم يسبق له أن تعامل بشفافية ووضوح كامل مع مشكلة من هذا النوع كما فعل مع هذه القضية، ورغم أن كل الأطراف السياسية تعرف وتتابع منذ وقت ليس بالقليل ما يجري من تطورات في ما يخص خلافات حسين بدر الدين الحوثي الفكرية والسياسية والمذهبية حتى مع أقرب الناس إليه، ورغم أن التطورات الأخيرة معروفة وواضحة وتعطي للدولة كامل الحق والمشروعية في معالجة القضية بعد استنفاد كل وسائل الحوار مع المذكور بالحكمة والموعظة الحسنة وبالتي هي أحسن .. هل يُعقل بعد كل ذلك أن يصدر عن أحزاب اللقاء المشترك مثل ذلك البيان الذي كال للدولة أسوأ الاتهامات؟!
حقيقة لم أكن أنتظر بيان مناصرة وتأييد، رغم وجوبه، لكن الصمت كان أفضل بلا شك من هذه الغلطة التاريخية .. إنه العتاب الواجب .. فهل يُعقل أن تصل المكايدات السياسية إلى مثل هذا المستوى؟! .. وكيف قبل «الإصلاح» أن يضع نفسه في هذا الموضع وهو الحزب الذي كان شريكاً دائماً للمؤتمر الشعبي العام في ترسيخ الوحدة الوطنية وفي رفضه لكل النتوءات في الجسد اليمني الواحد؟! .. أم أنه رد الجميل للأحزاب التي «ساندت!» الإصلاح في موقفه الرافض لدمج المعاهد قبل ثلاث سنوات؟!
لا أحد يريد الفتنة بالتأكيد، لكن الدول الرشيدة لا يمكن أن تقبل، بحال من الأحوال، أن تتشكل بداخلها مناطق محررة من سلطتها .. وأنا على يقين أن فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح سيجعل باب الحوار والحل السلمي مفتوحاً إلى آخر لحظة، وهي اللحظة التي ستجد فيها قوى الأمن والجيش أنها لحظة دفاع عن نفسها فقط، لأن ذلك هو سلوك الرجل الذي عرفناه سنوات طويلة متسامحاً محباً للحوار رافضاً للعنف.
إنني أتمنى من القلب أن تصحح أحزاب المعارضة هذا الخطأ بالوقوف المساند، قولاً وفعلاً، لجهود معالجة مخاطر التعدد المذهبي والمنهجي في التعليم الفقهي والشرعي، وتصحيح مسار هذا النوع من التعليم حماية للوطن ومستقبل الأجيال القادمة التي من حقها أن ترث وطناً مستقراً آمناً يسوده الاعتدال والألفة وتوحد الثقافة الوطنية.
نقلاً عن صحيفة الثورة.
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالسِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم

22

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024