الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 01:14 م - آخر تحديث: 05:05 ص (05: 02) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
أحــزاب (عــدم الانحيــاز)



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


أحــزاب (عــدم الانحيــاز)

الإثنين, 20-سبتمبر-2004
بقلم : نزار العبــادي - بقدر ما تدّعي أحزاب اللقاء المشترك بأنها (فوجئت بأحداث صعدة)، كانت مفاجأة المراقبين لساحة اليمن أعظم، حين أدركوا للتو أن المعارضين للسلطة في اليمن كانوا نياماً، بعيداً عن هموم شعبهم، ولولا دوّي مدافع السلطة لما علموا أن في بلادهم أزمة ما..
ولعل اقتران مشاهد بيان (اللقاء المشترك) بمشاهد أخرى حاضرة للأذهان رسمتها زيارة (مارغريتا بونيفر) مساعدة وزير خارجية إيطاليا إلى صنعاء قبل أيام تضاعف إحساس الألم من هول مستوى السقوط السياسي الذي نزلت معارضة المشترك مدارجه.
فالإيطاليون صدمهم نبأ احتجاز رهينتين إيطاليتين في العراق معرضتان للقتل في أية لحظة.. وما هي إلا سويعات حتى وجدت الحكومة نفسها مطوقة برموزها السياسية - الحاكمة والمعارضة - وعشرات المنظمات الأهلية، وآلاف المتظاهرين ، ليس لإصدار بيان يدينون به حكومتهم ، ويحملونها مسئولية إرسال قوات للعراق ، بل للانطلاق نحو العالم العربي والإسلامي للتنديد والتشهير بالإرهاب ، ولحث تلك البلدان على المساعدة في إنقاذ حياة الشابتين الإيطاليتين .
وبين كرنفال الوعي الإيطالي، المترجم بمشاهد واقعية أكدت فيها المعارضة وطنيتها ، وصدق انتمائها لجماهيرها، وبين ما تفاخرت به أحزاب اللقاء اليمنية، وأسمته (موقفاً مبدئياً يقوم على رفض استخدام القوة العسكرية) يدرك المرء في الحال أن ما هو كائن في بلادنا ليس معارضة، بل "سمسرة" يقودون بها مواطنيهم إلى المسالخ ، ولا شيء في رؤوسهم غير مقدار ما سيُقبض عن كل "رأس".
لقد كشف البيان الأخير أن قيادات أحزاب المشترك تفتقر تماماً لأي فكر سياسي أو وعي ديمقراطي ، وتتمتع ببلادة لا نظير لها فيما عرفنا من حركات سياسية وتنظيمات وطنية شهدها العالم.. وهو ما يمكن تأكيده بالآتي :

أولاً: وصفها لأحداث صعدة بـ(المفاجأة) يؤكد أنها أحزاب بعيدة عن الهموم الوطنية، وغريبة عن واقعها اليمني اليومي الذي يفترض أن يتصدر اهتماماتها إن كانت حقاً تمثل لسان حال جماهيرها.
إذ أن أحداث صعدة تأزمت على نحو تدريجي، لم يصل جبال (مران) بين عشية وضحاها، لتترتب عنه "صدمة ومفاجأة".. ولو سلّمنا بادعاء المشترك بأنها حدث مفاجئي (حسب البيان)، فإن الأخذ بهذا يعني تفنيد ادعاءات بيانات المشترك السابقة التي تتهم بها الحكومة بأنها صعدت الأحداث وجرت الحوثي الى خيار الحرب.
ولا شك أن تقلب ادعاءات المشترك المتناقضة لا يراد منه سوى تأليب الساحة الشعبية على الدولة، وإحداث تصدعات في الصف الوطني، يأمل استثمارها بمزيد من الفتن، والصراعات الداخلية الدموية التي تفتت قوة الدولة.

ثانيـاً: يؤكد البيان أن أول ردود فعل المشترك على الأحداث كان (رفض استخدام القوة العسكرية)، ثم يطالب بـ(الالتزام بالقانون والدستور).
هذه النقطة تؤكد عدم معرفة تلك الأحزاب بقوانين الدولة اليمنية وتشريعاتها، لأن قانون اليمن، وجميع بلدان العالم تبيح للسلطات الأمنية اعتقال كل من يخل بالأنظمة – حتى ولو كان مخالفة إشارة مرور- وفي حالة مقاومة أمر الاعتقال تُضاف هذه المقاومة كتهمة أخرى ، تعطي السلطات حق المطاردة للمتهم.
الأمر الآخر الذي لم تتعلمه تلك القيادات، هو أن الدستور اليمني يمنح أي مواطن، يَعتقد أن اعتقاله كان تعسفياً، حق رفع الدعوى القضائية على المتسبب له بالضرر، وكذلك المطالبة برد الاعتبار.. وبالتالي فإن من البلادة إنكار الحق الدستوري للدولة، ومطالبتها بالكف عن استخدام سلطاتها ووسائلها في القبض على متهم - خاصة وأن المتهم مدان بارتكاب جرائم ذات صلة بالسيادة الوطنية العليا.
ثم لو أن كل فرد تطلبه أجهزة أمنيته أو قضائية يقرر مصيره بنفسه، ويتصرف بناء على اجتهاداته الخاصة إذن فما الحاجة لوجود محامين، وقضاء ، ومحاكم استئنافية !؟
من جهة أخرى نجد أن المشترك أدان (استخدام القوة) في وقت يدعي فيه (غياب المعلومات) ، فكيف أباح لنفسه الحكم القطعي في أمر لا يعلم أن كان يمس سيادة البلد، أو يترتب عنه خطرا على حياة أفراد المجتمع الآخرين!؟ ماذا لو أن المتهم الذي استخدمت الدولة ضده القوة كان في طريقه لاستخدام أسلحة كيماوية (مثلاً)، فهل تنتظر السلطة موافقة أصحاب الجلالة في المعارضة حتى يفيقوا من رقادهم ويتخذوا القرار !؟

ثالثـاً: يذكر اللقاء المشترك في بيانه أن أحزابه(لم تكن طرفا في هذه الأزمة، ولم تنحاز بأي شكل من الأشكال لأحد طرفي الأزمة).
وهنا لا بد من السؤال: لماذا انتم في الساحة الوطنية ، إذا كُنتم عاجزين عن تحديد موقفكم ، ومؤازرة صاحب الحق، وتقويم السلوك السياسي في إطار الدولة!؟ فإذا كانت هذه الأحزاب لا تعنيها الحرب، وقتل اليمنيين لبعضهم البعض واستنفاذ أموال الشعب وقدراته العسكرية الدفاعية، ومستقبل الأمن الوطني.. فهل سيكترث لذلك حزب (الليكود) الإسرائيلي أو (العمال) البريطاني!؟.
لا شك أن تصريح المشترك بالوقوف في الحياد، وعدم الانحياز هو من اخطر المسائل التي ينبغي على القواعد الحزبية حسمها مع قياداتها، بل وعزلها من مراكزها، لأنها جردتهم من هويتهم الوطنية اليمنية، وعزلتهم عن دورهم الإنساني، وحولتهم الى مجرد قطع شطرنجية معدومة الإحساس، والضمير، وحتى القيم الإسلامية الداعية الى إصلاح ذات البين، ومحاربة الفئة الباغية’ استناداً الى قوله تعال : (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى أمر الله ).

رابعـاً: أما بشأن الدعوة إلى (العودة إلى مجلس النواب) عندما تستدعي الأمور (اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية بشكل مفاجئ)، فإنني لا أدري إلى أي مدى من الجهالة وصلت هذه الأحزاب لتجمع بين الاستخدام المفاجئ للقوة وبين العودة لمجلس النواب ، فكيف يتولد عنصر المفاجئة إذا سبقه تحضير يا أصحاب الفخامة والعقول النيرة !؟
ألهذه الدرجة وصل السخف، والاستهبال بشعب اليمن الموصوف بـ(الحكمة) من قبل قيادات أحزاب (عدم الانحياز) !؟

خامسـا: تطالب أحزاب اللقاء بحقها في ( إعلان رؤيتها)، وتعتبر تجاهلها ( إنقاص من حقوقها الدستورية).
لكن هذه الأحزاب تغفل حقيقة عدم امتلاكها أية رؤى منهجية وطنية واضحة تؤهلها لخوض جدل سياسي موضوعي. وما يؤكد ذلك هو عجزها التام عن إصلاح بُناها التنظيمية الداخلية، ومعالجة نكسة تراجع أدائها السياسي الذي قلص وجودها كثيرا في مجلس النواب، وكذلك في المنظمات الأهلية في المجتمع.. فضلا عن كونها- قياسا لما سبق- لا تمتلك ثوابت وطنية ( عمليا) وتتقلب بمواقفها وفقا لمصالحها الحزبية وليس الوطنية الجماهيرية.
الأمر الآخر هو أن اعتبار إشراك أحزابها في ( إعلان رؤيتها في حل القضايا الوطنية الداخلية ) حقا دستوريا، يُعد مسألة تحاول من خلالها أحزاب اللقاء الالتفاف على الدستور، واكتساب حق غير شرعي..
إذا أن الضوابط الدستورية أوجدت آليات مؤسسية لدوائر صنع القرار السياسي، وفي طليعتها مجلس النواب، ثم مجلس الوزراء، ومجلس الشورى، وبالتالي لا ينبغي على المشترك الركون إلى التمني دون بذل جهد في بناء جماهيرية تؤهله لفرض نفسه ورؤاه في دوائر صنع القرار.
أما أن تنشغل تلك القيادات الحزبية بمحاولات الابتزاز، وكسب مصالح اقتصادية وتجارية خاصة ، وطرق أبواب السفارات الأجنبية، ثم تريد المشاركة في صنع القرار فإنه قضية من حق صاحب الأغلبية قبولها أو رفضها.

سادسـا: تتصور أحزاب المشترك أن من حقها الإطلاع على كل أسرار الدولة، بما فيها الأمنية والعسكرية لمجرد أنها تمتلك "يافطات" بأسماء أحزاب، وتنظيمات، بعضها لا نتذكره بغير مواسم الانتخابات.. ضاربين بذلك الرأي نُظم الدولة المؤسسية الحديثة، القائمة على اللامركزية، وفصل الاختصاصات، رغم أن الدستور وضع أطر مؤسسية وضوابط لمن يمتلك الحق في كل شأن وظيفي، بحيث منح مجلس النواب الحق في استدعاء أية جهة يريد مسائلتها وإجبارها على الإجابة بدقة ومصداقية، دون أن يشير إلى منح اللقاء المشترك ( حق الفيتو).

سابعـا: سعت أحزاب المشترك في بيانها لمهاجمة ( إعلام الدولة) واتهامه بمخالفة الدستور، وإشعال الفتن المهددة للوحدة الوطنية.. وهذه هي المر’ الأولى التي يتناول فيها بيان للمشترك قضايا الإعلام، والسبب واضح جدا، لأن هناك أولا صحيفة مُتهمة بنفس التُّهم التي أوردتها في البيان، وصدر حكم قضائي بحقها وحق رئيس تحريرها، وثانيا لأن هناك صحيفة أخرى مُتهمة بالترويج للانفصال ونزعات ( الشمال والجنوب) العنصرية.
وبغض النظر عن أسلوب عمل تلك الصحف، فإن أحزاب المشترك غير مضطرة لإيراد ذلك في بيانها إذا كانت تحترم الدستور فعلا.. إذ أن الدستور يعطي الحق للجميع رفع الدعوى القضائية ضد أية وسيلة تخترق اللوائح والقوانين، مثلما حدث الأمر مع صحيفة ( الشورى).
ومن المفارقات العجيبة أن هذه الأحزاب الداعية للامتثال للدستور والقانون تُقيم الدنيا يومياً ضد القرار الجزائي الصادر بحق ( الشورى) وتتبنى الاعتصامات، والمسيرات، والحملات الدعائية المسيئة للقضاء والقانون نفسه الذي تحججت به ، وطالبت الدولة بالامتثال إليه .

ثامنـا: دعا البيان إلى حصر ( استخدام القوة في حماية القوانين وأمن الوطن)، وهو تناقض غريب طالما كان أبرز صفة يتحلى بها المشترك، إذ أن البيان نفسه سبق أن ذكر في الفقرة (2) أن ( الموقف المبدئي) للقاء المشترك ( يقوم على رفض استخدام القوة) التي برر بها موقفه المتعاطف مع حركة التمرد في صعدة.
وهذا الأسلوب في تطويع العبارات والمصطلحات لأكثر من مناسبة وموقف تمّت ترجمته على نحو مفضوح في هذا البيان - خاصة في مسألة ( استخدام القوة) التي تكرر في الفقرات ( 2،4،8) وبمعاني متناقضة.


خلاصــــــــة:
1- تسعى أحزاب ( عدم الانحياز) في اللقاء المشترك إلى مخادعة أبناء الشعب من خلال استخدام مفردة ( الدستور) ، والتذرع به لأنها تعلم جيداً أن معظم الناس لا يعلمون بالنصوص الدقيقة للدستور.
2- يحاول المشترك كسب امتيازات وحقوق غير مشروعة من خلال دغدغة مشاعر الناس بكلمة ( الدستور) وإيهامهم بأنها حقوق طبيعية، وينبغي النضال من أجلها- وهذا يدخل في إطار ما يمكن تسميته بـ "التجهيل الديمقراطي" .
3- يحاول المشترك من خلال بيانه استباق العواقب المترتبة على مواقفه التآمرية في وقت مبكر من انتهاء حرب صعدة، بإلصاق التهم ذاتها بالدولة، خاصة ما يتعلق بالإعلام والوحدة الوطنية.
4- أكد المشترك ببيانه عدم اعترافه بكل صيغ العمل السياسي المتعارف عليها، والاعتماد على مناورات الظرف الآني، وانتهاز فرص القلق الوطني كظرف مثالي لتفتيت السلطة والانقضاض عليها.
5- أثبت البيان أن قيادات أحزاب المشترك تتمتع ببلادة حادة، وقصر نظر، وعجز تام عن بناء أية رؤى ستراتيجية، فضلا عن جهلهم بالدستور والقوانين المعمول بها رسميا في اليمن.
6- أكد البيان عدم استعداد أحزاب المشترك للتضحية أو الدفاع عن أي مواطن خلال الأزمات، وأنها (محايدة) ولا دخل لها بما يصيب البلاد من مكروه – حصراً .
7- يعزز البيان القناعة بأن هذه الأحزاب باتت تخلط بين مناهجها الحزبية ، حتى أمسى (الإسلاميون) يدعون الى ما يخالف أمر الله تعالى ، و(القوميون) يتبنون أفكار ورؤى تقود الى تفتيت الوحدة ، وتعزيز الظرف المنشود إمبريالياً ، في الوقت الذي مضى (الاشتراكيون) يترجمون مناهج مخالفة لأدبيات (سلطة الدولة) ، ووصايتها على الفرد.
لاشك أن انقلاب كهذا على القيم الحزبية الذاتية لكل تنظيم أسهم في فشل برامج الأحزاب المعارضة ، وبالتالي عجزها عن الوقوف بثبات بوجه النفوذ المتنامي للحزب الحاكم . وهو أمر يضر بالمسيرة الديمقراطية أكثر مما ينفعها ، ويعيق حركة التطور والتنمية باتجاه الدولة اليمنية الحديثة .


comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

محمد "جمال" الجوهريقراءة متآنية لمقال بن حبتور (مشاعر حزينة في وداع السفير خالد اليافعي)

28

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالسِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم

22

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024