أكتوبر ومسيرة التحرر الوطني
الأحد, 15-أكتوبر-2023بقلم/ غازي أحمد علي* - ستة عقود بالتمام والكمال مرت على بركان الثورة اليمنية الوطنية التحررية الوحدوية 14 أكتوبر، وهي فترة زمنية جرى خلالها الكثير من التحولات والمتغيرات على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، كان لها الكثير من المحطات الايجابية المرتبطة بأهداف الثورة اليمنية »سبتمبر وأكتوبر«، ومثلت بالنسبة لشعبنا انجازات كبرى وعلى رأسها بكل تأكيد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م.
بالمقابل كان هناك الكثير من السلبيات التي اتخذت تجسيداتها أشكالاً متعددة ترتبط بأسباب داخلية تتحملها القوى السياسية التي قادت اليمن بعد انتصار سبتمبر في ملحمة السبعين يوماً عام 1968م، وفي انتصار ثورة أكتوبر بنيل الاستقلال الناجز وطرد المستعمر البريطاني من الأرض اليمنية المحتلة في الـ 30 من نوفمبر 1967م، ومع ذلك كان لمؤامرات أعداء اليمن وثورته ووحدته دور أساسي في هذه كله بدأ من الأيام الأولى بقيام وتفجير الثورة اليمنية وكان الأخطر فيها بعد انتصارها.
اليوم ونحن نحتفل بالذكرى الـ60 للثورة اليمنية 14 أكتوبر ينبغي على أبناء شعبنا وقواه الوطنية التحررية الفاعلة أن تعيد قراءة التاريخ السابق للثورة اليمنية وما صاحبها من تحديات وأخطار وصولاً إلى الفترة اللاحقة ليعوا مكامن الأخطاء ودور من تحمّلوا المسؤولية فيها إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه بعد أن عادت القوى المعادية للشعب اليمني وثورته وتطلعاته لتجرنا إلى مربعها القديم بوسائل وأساليب جديدة ، ولعل أبرز عوامل نجاح هذه العودة يتمثل في لعب هذه القوى على التباينات والاختلافات الداخلية واختراق الوحدة الوطنية وتمزيق النسيج الاجتماعي الذي مهد الطريق لشن العدوان المستمر على الشعب اليمني منذ العام 2015م وحتى اليوم.
هناك أطروحات كثيرة لتفسير ما جرى ولكن ما يجمعها هو أن من تحمّلوا المسؤولية قبل الوحدة وبعدها لم يكونوا عند مستواها، وكان التأثير الخارجي الإقليمي والدولي يتغلب على المصالح الوطنية وتحقيق تطلعات الشعب التي كان يفترض أن ترتقي إلى مستوى تضحياته، وخاصةً أولئك الشجعان الذين لم يكن لهم همّ سوى الخلاص من الظلم والطغيان الداخلي ومن الجور والتجبر الاستعماري.
بعد كل ما حدث لا ينبغي النظر إلى الماضي أبعد من أخذ العبرة والدرس لمواجهة تحديات الحاضر، وتحقيق تطلعات المستقبل وفي مقدمتها اصطفاف كل اليمنيين الأحرار لمواجهة العدوان الذي تشنه قوى إقليمية ودولية تتصدرها رباعية أمريكا والنظام السعودي وبريطانيا والتابع الإماراتي، وأن الخروج عن هذا السياق خيانة لليمن وثورته وتضحيات أبنائه.
والمهمة الرئيسية تتمثل في مواجهة العدوان وتحرير الأرض ومواصلة السير نحو الآتي بالعمل على بناء دولة النظام والقانون والمؤسسات الديمقراطية بمضمون وطني على قاعدة حل الخلافات وإنهائها اعتماداً على الحوار والنهج الديمقراطي الذي لا مكان فيه للنعرات المناطقية والمذهبية والجهوية، وهذا يقتضي الوصول إلى اتفاق على شكل ومحتوى هذه الدولة التي تنهي تكرار الماضي في هذا المستقبل.
إن ما ينبغي التأكيد عليه أن الثورة اليمنية والوحدة من أعظم المحطات التاريخية لشعبنا، والوفاء لتضحيات الثوار هو تجاوز الماضي بالمعنى السلبي والانطلاق نحو المستقبل بوعي مستوعب عظمة شعبنا اليمني وتاريخه الحضاري العظيم، وقدرته- إذا ما توافرت له الشروط الذاتية والموضوعية- على أن يأخذ مكانته بين الأمم العظيمة في هذا العالم..
المجد والخلود لشهداء ثورتي سبتمبر وأكتوبر ولكل مِنْ قدموا أرواحهم دفاعاً عن اليمن وسيادته ووحدته وحريته واستقلاله.
* الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام