الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 02:22 م - آخر تحديث: 07:17 ص (17: 04) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
نحو شراكة إعلامية لحقوق إنسانية



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


نحو شراكة إعلامية لحقوق إنسانية

السبت, 26-فبراير-2005
بقلم : نزار العبادي - دأبت المؤسسات الناشطة في مجال حقوق الإنسان على الحديث عن طرفين رئيسيين بمعادلة الشراكة الحقوقية الإنسانية، يمثل أحدهما المؤسسات الحكومية، والآخر المنظمات غير الحكومية.
وعلى خلفية ما تسعى إليه هذه المؤسسات من بلورة لصيغ عمل تعاونية بين الشريكين، أملاً في خلق لغة متناغمة الإيقاعات على محاور تدعيم الحقوق الإنسانية، ونشر ثقافتها بين الأوساط الشعبية، أمعنت هذه المنظمات في تجاهلها لحقيقة محدودية أدواتها البشرية، وإمكانياتها المادية، وقنواتها الحركية قياساً بجسامة المسئوليات المترتبة عن مهمة موضوعها الأساسي – الإنسان - الذي تتألف منه المجتمعات المليونية.
إن المتمعن في أسباب تفاقم الأزمة الحقوقية الإنسانية، واتساع قاعدة الانتهاكات بالتزامن مع اتساع قاعدة المنظمات الناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان، وحمايتها- سيجد أن في مقدمة أسباب ذلك هو: شروع تلك المنظمات في رسم الخطط ، وتنفيذ البرامج المختلفة على أرضية غير مؤهلة للتجاوب مع مفاهيم تبدو غير ذات معنى أو منطق لها، وربما تعدّها ضرباً من فلسفة مثالية من العالم الأفلاطوني!

أما السبب الثاني- فهو أن منظمات حقوق الإنسان لم تكن واقعية في حساباتها، وبالغت كثيراً جداً في الوثوق بإمكانياتها، لدرجة أن بعض المنظمات لا يتجاوز قوام الناشطين الفعليين فيها (25) متطوعا في الوقت الذي تراهن على نشر ثقافة حقوق الإنسان في مجتمع يناهز سكانه الـ(25) مليون نسمة- أي أن النسبة هنا (1: مليون)، ولو أضفنا إليها وزارة حقوق الإنسان ، التي إجمالي قواها البشرية العاملة (50) موظفاً، فإن نسبة الشراكة الجديدة سترتفع إلى (3: مليون).. ويقيناً أن كسب رهان كهذا ضرب من الخرافة !.

فيما يبقى السبب الثالث- وهو في غاية الأهمية- هو أن منظمات حقوق الإنسان تضع نفسها على حلبات التحدي في مواجهة خصوم أقوياء للغاية؛ يمتلكون مختلف الإمكانيات البشرية، والمادية، والقضائية، والتشريعية، والتنفيذية، ومهارات فنية لا حصر لها؛ في الوقت الذي تفتقر المنظمات إلى الحد الأدنى من عناصر القوة، أو الضغط، أو السلطة الملزمة بالانصياع إلى الحق الإنساني- حيث أن جلَّ ما تحمله هذه المنظمات لا يتعدى القيم الأخلاقية، والمُثل الإنسانية، والحدود الشرعية !

أما السبب الرابع- فهو غياب تقويم الرأي العام الذي من شأنه تحفيز الناشطين، وإقصاء التكوينات الوهمية الاستنزافية، والمتقاعسة، فضلاً عما يمكن أن يحشده الرأي العام من اتجاهات داعمة، قد يتمخض عنها تعزيز مادي ومعنوي نوعي لإمكانيات عمل بعض المنظمات المتميزة.

وعليه فإن المتأمل للأسباب الأربعة أعلاه، لا بد أن يخلص إلى قناعة عدم كفاية أدوات شريكي حماية حقوق الإنسان، وإن الحاجة قائمة لا محالة للبحث عن شريك يتمتع بمؤهلات، ومهارات ما تستدعيه الفجوة الحاصلة لموازنة معادلة الغاية والوسيلة.. وأعتقد بقوة أن الإعلام هو الشريك الثالث الذي طالما أنكرت المنظمات المدنية حقوق حملة للرسالة الإنسانية.
وتأسيساً على قناعة الشراكة (الثلاثية) للمؤسسات الناشطة في حماية الحقوق الإنسانية يمكن إيجاز الأدوار المناطة مسئولياتها بالإعلام فيما يأتي:-

أولاً: نشر الوعي الثقافي بالحقوق الإنسانية بين مختلف شرائح المجتمع، وفئاته، نظراً لحيازة الوسيط الإعلامي على مزايا فريدة لا تتوفر في غيره، مثل:

أ- أنه يمثل نشاط تعبوي يومي على مدار 24 ساعة.
ب- تعدد صيغه الخطابية (مسموعة، مقروءة، مرئية).
ج- تنوع أساليبه التعبيرية (مقالية، قصصي، حواري، تشكيلي، كوميدي، تراجيدي.. الخ).
د- قدرته على الانتشار مكانيا ، والوصول إلى مناطق نائية.
ه- ضخامة حجم القوى البشرية القائمة عليه.
و- وفرة وسائله، ورخص تكاليفها ( للمنتج والمستهلك).
ز- وجوده بأشكال توافق مختلف الفئات العُمرية والأذواق البشرية.
ح-
لا شك أن تحشيد الإعلام لغرس ثقافة حقوق الإنسان سيعني تأسيس بيئة عمل مثالية لبقية الشركاء، ويوجِّه جهودهم صوب الأنشطة الجوهرية المباشرة للمنظمات الحقوقية الإنسانية.

ثانياً- تحقيق معادلة واقعية متكافئة بين سعة أو حجم القاعدة البشرية المستهدفة وبين جهود التعبئة الموجهة، والترويج المعرفي- نظراً لحجم قوى العمل البشرية، واستمرارية حراكها على الصعيدين المكاني والزماني.

ثالثاً- من شأن الإعلام رصد وتوثيق الانتهاكات اليومية المختلفة - بحكم وظيفته، الأمر الذي يعني بناء قاعدة بيانات واسعة تمثل رصيداً ثرياً للدراسات والبحوث، واتجاهات خطط العمل.

رابعاً: يتمتع الإعلام بقدرة هائلة على بلورة رأي شعبي عام ضاغط، من شأنه أن يتحول إلى سلاح بيد المنظمات الأهلية للتأثير على القرار السياسي الحكومي، أو الجهات المنتهكة للحقوق، وإجبارها على التفاعل، والتجاوب مع أية مطالب مشروعة ، فضلاً عن ضمان وصول الشكاوى إلى الجهات المختصة.

خامساً: لعب دور رقابي ، وتقويمي لمنظمات المجتمع المدني نفسها العاملة في مجال حقوق الإنسان، وتحفيز هممها، والحيلولة دون جنوحها عن مسارها الطبيعي، فضلاً عن تحشيد الدعم المادي والمعنوي للفاعلة منها، والترويج لفعالياتها، وحمايتها من أي نشاط إعلامي مضاد يستهدف النيل من سمعتها على خلفيات نزعات انتقامية معنية قد تتبناها أو تدعمها الخصوم.

سادساً: تحشيد الضغط الخارجي الدولي على الجهات الرسمية إزاء القضايا المعقدة التي تمتنع الدولة عن التعاون بصددها ، فضلاً عن الترويج الخارجي لإنجازات الحقوق الإنسانية داخل البلد ، بما يعزز ذلك من رغبة مانحين جدد لدعمها ، أو يفتح مزيد من القنوات لها خارج الحدود الإقليمية.

سابعاً: الإعلام هو في نهاية الأمر سفير القائمين على إدارة المنظمة الحقوقية الإنسانية، والناطق بلسانها، وصوتها الذي يُبلغ الرسالة الإنسانية ليس إلى بقاع نائية وحسب، بل حتى إلى مخادع النوم في البيوت.

إن هذه القدرات لا يمكن إلا أن تجعل من الإعلام شريكاً مثالياً في مؤسسات حقوق الإنسان لضمان مخرجات إيجابية، ونتائج صحية ترفع قواعد نهضة حقيقية بحقوق الفرد والمجتمع.
وحتماً أن أي تجاهل أو إقصاء للإعلام عن أدواره، وشراكته ستفضي إلى واقع من الجهد المنصهر في أروقة الجدل والنقاش، والذي يموت بمجرد عبور عتبات تلك الأروقة باتجاه فضاء العالم الصاخب بدبيب الانتهاكات الإنسانية.
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024