الثلاثاء, 23-أبريل-2024 الساعة: 09:14 ص - آخر تحديث: 01:27 ص (27: 10) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
الارياني.. صانع الروابط الدائمة



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


الارياني.. صانع الروابط الدائمة

الأحد, 05-يونيو-2005
كتبت مجلة العربية السعيدة - على مدى ربع قرن اشتهر الدكتور عبدالكريم الإرياني في بلده وخارجها بروحه التقدمية، واهتمامه بتنمية وطنه، وبقدراته كصانع للسلام.
في طريق جبلية متعرجة من تعز إلى الحديدة عاد الدكتور/ عبدالكريم الإرياني عام 1968م إلى مسقط رأسه حاملا شهادة الدكتوراه من جامعة أمريكية، وأدرك الشاب أن بلده ما زال أمامها شوط طويل للحقاق بركب التنمية.
في جلسة مريحة في ديوان منزله في صنعاء تحدثنا مع الدكتور عبدالكريم الإرياني الذي فشلت شيخوخته في إخماد همته ونشاطه عن التحولات والتحديات التي مرت بها بلاده أثناء توليه المناصب المختلفة، وعن بدايات رجل أقل ما يصف به اليوم أنه من أهم مهندسي بناء اليمن الحديث.
منذ بداياته المتواضعة كمهندس زراعي في شوارع زبيد المقفرة، ترك الإرياني بصماته الواضحة بطرق لم يكن هو نفسه يتوقعها. لقد ارتقى السلم الوظيفي كواحد من المحترفين ذوي التعليم الغربي ليصبح رئيسا للوزراء، وهو الآن مستشار رئيس الجمهورية السياسي الموثوق به.
إضافة إلى كونه الأمين العام للحزب الحاكم، كان الإرياني على رأس الحكومات المختلفة خلال بعض أسوأ للحظات التي مرت بها اليمن فساعدها على الخروج سالمة.
أثناء فترة عمله التي امتدت منذ حروب الثورة مطلع الستينيات من القرن الماضي وحتى تحقيق الوحدة عام 1990م، ثم من خلال سنوات التسعينيات المضطربة التي شهدت محاولة انفصال وكوارث أخرى، وحتى بدأت اليمن بالتعافي تنمويا وأمنيا، شغل الإرياني كل المناصب ذات الأهمية في البلد. وما يزال مستمرا في عمله الدءوب بعزيمة واحدة لتحقيق طموح واحد هو بناء جسر لليمن نحو المستقبل.
غير حيويته اللا محدودة، يتميز الإرياني بصفات أخرى منها السماحة ودماثة الخلق والولاء المطلق للوطن. وقد أحبه كل من عمل معه. وفرض احترامه على من لا يحبونه.
الانبعاث من رماد 1994م
على أحد جدران منزله في صنعاء لوحة كبيرة من الجص تصور بيوت صنعاء القديمة بلونيها الأبيض والبني، ويفخر الإرياني بأن تلك اللوحة الجدارية وغيرها من الزخارف في منزله من أعمال ابنته المتخصصة في هندسة الديكور والزخرفة الداخلية.
واللوحة توحي إلى حد كبير بالدور الذي لعبته صنعاء في الشئون اليمنية خاصة بعد الحرب التي اندلعت صيف 1994م وتم فيها تثبيت دعائم الوحدة.
كان الإرياني حينها وزيرا للخارجية، ويصف تلك المرحلة دون تردد بأنها كانت أصعب فترة في حياته العملية. ويتذكر: "أمريكا لم تكن داعمة للانفصال تماماً لكن الجيران كانوا يراقبون باهتمام منتظرين ما قد يستجد لو استمرت الحرب".
وقال: "في واشنطن كان هناك غضب شديد من عدم التزام اليمن بطلب الإدارة الأمريكية بالوقف الفوري لإطلاق النار، وكانت هناك دعوات لتدخل قوات أجنبية للفصل بين الفريقين المتحاربين، كما أعتقد أن قوى إقليمية سعت للتأثير بقوة على الولايات المتحدة لإقناعها أن الاستيلاء على عدن من قبل قوات الوحدة يعتبر خطاً أحمر لأنه بمثابة هزيمة لتلك القوى".
ويضيف: "أثبت التاريخ أن أزمة الصيف تلك بلغت الخط الأحمر. لكن استسلام قوات التمرد في ضواحي عدن في يونيو 1994م شكل نقطة تحول لنفوذ الحزب الاشتراكي في شبه الجزيرة، ورسخ جذور الوحدة اليمنية الوليدة وإلى الأبد.
ويتذكر الإرياني مناقشة حادة في وزارة الخارجية الأمريكية: "أحد مساعدي وزير الخارجية الأمريكي واسمه مارتن هندريك الذي هو الآن أحد أصدقائي الأعزاء تحدث بصلف عن اليمن لدرجة أني وقفت وانصرفت. لم أستطع تحمل ذلك فغادرت الاجتماع بطريقة ربما كانت فجة. لم أكن مهذباً جداً حينها".
لكن المعركة لم تكن قد انتهت بعد لأن مجلس الأمن كان لا يزال يدرس احتمال التدخل، وكان مطلوبا من الإرياني البقاء في نيويورك حتى تيم التوصل إلى حل، لكنه ألمح عن عزمه العودة إلى اليمن، وقد أثار ذلك مادلين أولبرايت التي أثارت لغطاً كبيراً في مجلس الأمن وصرحت بأنها طلبت من الإرياني عدم مغادرة نيويورك حتى يتم الاتفاق على الحوار بين الأطراف المتحاربة.
يقول الإرياني:
"لمحت إلى بعض أصدقائي الدبلوماسيين بعزمي العودة إلى اليمن، لكني بقيت في نيويورك ولم تكن مادلين تعلم"، ثم يضيف ضاحكاً: "لقد كان ذلك أصعب وقت مررت به في عملي".
لكن الأمر لم يستغرق سوى ثلاثة أشهر ليعود الإرياني إلى واشنطن، وكانت الحرب عندها قد وضعت أوزارها، رغم أن مجلس الأمن كان آنذاك ما يزال يناقش قراراً يتعلق باليمن.
وقال: "أتذكر أني رأيت مارتن هندريك في البيت الأبيض (وكان حينها قد عين سفيراً للولايات المتحدة لدى إسرائيل) وأول ما قاله لي: أنا سعيد بلقائنا من جديد في ظروف أكثر ودية".
لم تكن الولايات المتحدة تعمل ضد الوحدة من وجهة نظره "لكن كانت هناك ضغوط عليها لإيقاف الحرب، ولبدء وقف إطلاق النار، وربما أيضا لإدخال قوات أجنبية. لكن بمجرد وقف إطلاق النار كانت المسألة ستنتهي بالانفصال. ووجود قوات أجنبية، وقوات حفظ سلام حتى لو كانت هذه لمراقبة وقف إطلاق النار، كان سيؤدي إلى الانفصال بلا ريب".
وهنا كان يكمن الخط الأحمر الحقيقي في سياسة حكومة اليمن، كما كان الأمر كذلك بالنسبة للفلسفة الشخصية لعبد الكريم الإرياني التي مفادها أنه لا يمكن لشيء مهما كان أن يسلب البلاد أياً من منجزاتها التي اكتسبتها خلال أكثر من 40 سنة منذ قيام الثورة.
مرت اليمن بنكسات مختلفة خلال تلك السنوات منها تفجير المدمرة الأمريكية (يو أس إس كول) عام 2000م والتراجع الاقتصادي الذي سببه موقف اليمن الرافض للوجود الأجنبي إبان حرب الخليج وتفشي ظاهرة اختطاف الأجانب.
وفي كتابها المعنون بـ"مختطفة في اليمن" امتدحت المؤلفة النيوزلندية المولد "ماري كوين" الدكتور الإرياني قائلة أن الإنسان يشعر بالأمل ما دام عبدالكريم الإرياني يمارس السياسة في اليمن.
وقد دهش الكثيرون عندما حول الرئيس علي عبدالله صالح خطاباً ألقاه أثناء زيارة اعتيادية إلى قاعدة عسكرية في حضرموت إلى مديح للدكتور عبدالكريم الإرياني معدداً مناقبه وإنجازاته التي شملت الدور البارز الذي لعبه في ترسيم الحدود اليمنية السعودية سلمياً. ووصفه في تلك الكلمة بالبطل الوطني لليمن. ولعل أهم خصال الإرياني هي تمتعه بالروح التقدمية التي أتاحت له قيادة واحدة من بلدان العالم الأقل نمواً نحو التنمية والاستقرار والسلام. لكن كل الصعوبات التي واجهت الإرياني طوال فترات عمله لم تمثل شيئاً يذكر مقابل ما حققته اليمن خلال نصف القرن الماضي.
"لا تقل أنه لم يبق شيء كنت تود أن تفعله، طالما أنت حي فهناك دائماً فرصة"
طفولته في اليمن
إذا كنا نشبه العام 1968م بالقرن السابع عشر فإن فترة طفولة الإرياني كانت أكثر شبها بالقرن الثالث عشر. يقول د. الإرياني: "لم أسمع بالمذياع حتى بلغت الخامسة عشرة من عمري، ولم أشاهد سيارة إلا عندما كنت في التاسعة عشرة، كما لم أكن اعرف شيئا عن العالم الخارجي لأنك في القرية لا تستطيع السفر إلا على ظهور البغال أو الحمير أو سيراً على الأقدام. ولم أغادر اليمن إلا عام 1953م وكان ذلك إلى عدن حيث رأيت الكهرباء للمرة الأولى".
الإرياني الذي نشأ في ريف إريان في محافظة إب يصف رحلته إلى الخارج عبر عدن بقوله: "لقد استغرق السفر إلى تعز يومين وهي مسافة يمكن أن تقطع الآن في ساعة واحدة، ثم سافرنا حوالي أسبوعين لنبلغ مدينة عدن".
لكن عدن التي كانت لا تزال مستعمرة بريطانية لم تكن سوى بداية الرحلة إذ سافر من هناك إلى القاهرة حيث التحق بمدرسة ليلية حصل منها بعد عام على شهادة موازية للصف التاسع.
أكمل الإرياني الثانوية العامة في مصر عام 1957م ثم ابتسم له الحظ أكثر فحصل على واحدة من أولى المنح الدراسية المقدمة من الولايات المتحدة للطلاب اليمنيين.
ومن أغسطس 1985م إلى يونيو 1968م درس في أمريكا ليعود بعدها إلى بلد مختلف جذرياً، بلد مزقته الحرب بين الثوار وفلول الإمامة في الشمال والحكم الاستعماري البريطاني في الجنوب. بيد انه الآن وبعد أن فتحت اليمن أبوابها واسعة للعالم بدا واضحا للعيان إلى أي مدى كان ذلك البلد متخلفاً.
لقد كان قرار العودة في غاية السهولة كما يقول الإرياني رغم أنه تلقى عرضا للتدريس في كلية سان فرانسيسكو بعد أن حصل على شهادة الدكتوراه في الأحياء من جامعة "ييل"، وسهولة القرار بالنسبة له أنه "لا وجه لمقارنة أمريكا بالوطن الحبيب".
إن حضوره كضيف شرف في حفل تكريم أول 40 طالباً عادوا إلى وطنهم بعد دراستهم في الخارج كان بمثابة احتفاء بالدور الذي لعبه هؤلاء في بناء اليمن الحديث. "مادمت على قيد الحياة لا يمكنك أبداً أن تقول أنه لم يعد هناك شيء تطمح إلى تحقيقه. فطالما أنك ما زالت حيا فهناك دائماً فرصة.
هذا ما قاله الإرياني عندما سألناه إذا كان هنالك شيء لم يحققه بعد وقد أشار باختصار إلى التحديات التي ما تزال تواجه البلاد مثل الانفجار السكاني، والحاجة إلى التعليم ذي الجودة العالية والخطر المحدق المتمثل في شحة المياه.
والهدف من كل ذلك بكل بساطة كما يقول الإرياني هو: "مصلحة اليمن. لكن الاختلاف يكمن في كيف وبأي طريقة ؟ فما يهمني اليوم لم يعد نفس الشيء الذي كان يهمني قبل ثلاث سنوات، لكن الهدف الذي لم يتغير، ولن يتغير حتى أموت هو مصالح اليمن العليا".
ما يزال الإرياني يتذكر حتى اليوم ذلك الطريق الذي سلكه إلى زبيد عام 1968م والساعات الطويلة التي قضاها في السيارة، والتراب، والبعوض. ويروي: "مكثت في زبيد لمدة أربع سنوات وعندما عدت كانت الطريق إلى تعز قد رصفت".
وكأن القدر الذي لا مفر منه قد اختار له عدداً من المناصب السياسية الهامة، وربما إذا ما سافر الدكتور الإرياني على الطريق المعبد الجديد سيدرك بأن مستقبله ومستقبل اليمن قد امتزجا ولم يعدا كما كانا في الماضي.
نقلاً عن مجلة العربية السعيدة


comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024