الخميس, 02-مايو-2024 الساعة: 07:57 م - آخر تحديث: 06:40 م (40: 03) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
البردوني مناضلاً



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من ثقافة


عناوين أخرى متفرقة


البردوني مناضلاً

الجمعة, 02-سبتمبر-2005
محمد صالح الحاضري - كانت الطبقة المتوسطة اليمنية تحتوي على معظم المثقفين من الأدباء والقضاة والعلماء والمدرسين و الضباط ورجال الأعمال، واستطاعت هذه الشريحة أن تطور اللغة أو اللهجة المستعملة بين أفرادها لتكون مزيجاً من اللغة العربية الفصحى واللغة العامية، ومزيجاً من لهجات الطبقة العليا- الحكام وكبار التجار- ولهجة أو لهجات الجماهير الشعبية كون هذا التحليل ينطبق على سائر أجزاء الطبقة الوسطى على مستوى اليمن بلهجاتها ومناطقها المتعددة التي تبلغ الذروة في مدينة عدن.
يومها كان الأدباء ورجال التربية والتعليم وضباط الحربية وأصحاب المحلات التجارية في الأسواق التقليدية وقضاة الاستئناف والمحاكم القضائية يتحدثون بمفردات أكثر أناقة، وموسيقى أكثر عذوبة حتى أنه سبق القول في فترة الاحتلال التركي قبل 1918م أن الأتراك قد عطلوا التطور الثقافي بالرطانة التي شوشت على مجالس صنعاء المعروفة بمناقشات العلماء ومجادلات المثقفين في المنطق والفلسفة والفقه واللغة والأدب.
ولقد أدهشتني اللغة الفلسفية لأحرار 1918م وولعهم بسقراط وفلاسفة أثينا وأثار اهتمامي ولع الأستاذ زيد الموشكي بالشيخ جمال الدين الأفغاني ومقابلته للشيخ عبدالله الحكيمي التي كانت مقابلة بين الاعتزال والتصوف.
وعندما سافر الأستاذ عبدالله البردوني إلى ليبيا مع وفد الأسبوع الثقافي اليمني أثير هذا الموضوع في الطائرة فعلق على موضوع لهجة المثقفين بالقول إنها تمثل نوعاً من الفصعامية (أي الفصحى العامية) وهو مزج ارتجله الأستاذ للإعراب عن الحقيقة المتعلقة باللهجة الرائجة في أوساط المثقفين اليمنيين.
وبالنسبة لي فإن هذا الموضوع مناسب للحديث عن جيل الرواد الذين أنجبتهم القيم الثقافية الراقية بحيث لا يمكن تكرار مثل هذا الجيل دون وجود هذه القيم والثقافة، من هؤلاء الرواد الأستاذ عبدالله البردوني.
فالبردوني كان مناضلاً قوي الموقف غزير الثقافة السياسية والأدبية والتاريخية ولم يختلف عن الزبيري والنعمان إلا في الانعكاسات القسرية للظروف الخاصة التي كانت مساعدة لهما ومع ذلك فإن مناضلي الداخل غالبا ما يعانون بصورة أشد وليس مناضلوا الخارج سوى عناصر اختارت هذا المسار لتخفيف درجة الألم وتوفير فرصاً أوسع للتحرك والتأثير.

فهل قصائد البردوني أول الثورة بالشيء القليل وهل مواقفه المستمرة دفاعاً عن القضايا الوطنية هي أقل مما قدمه الآخرون.
كلا فالبردوني قد خلق جانباً من ثقافة الجيل وأسهم في تخصيب دائرة الوعي في صفوف أوسع من الجماهير، وهو برحيله سيترك فراغاً كبيراً ربما لا تملؤه سوى الإفرازات المحتملة للجيل الذي تأثر به وبمدرسة الأحرار اليمنيين التي هي مدرسة الشعب والدين والثورة ومدرسة الثقافة الوطنية. وعلى مستوى اليمن كلها لم يحض رجل بالإجماع كالذي حظي به البردوني في حياته وليس بعد مماته فقط.
ولا شك أن غيابه قد كشف الهزيمة التي تتعرض لها القيم الوطنية والإنسانية ومعها المعايير العادلة في التقييم الاجتماعي كونه لم يحظ بالتعازي على صفحات الجرائد الرسمية بنفس طريقة التعزية لوجاهات المرحلة بوجهيها التقليدي والطفيلي بعد أن أصبحت القيمة للمال والنفوذ على حساب الثقافة والعلم والرجولة كقيم رئيسية سيؤدي غيابها إلى تدمير أهم شروط التطور المتاحة، لكنه حظي بما هو أعظم حين كرمته النخبة والفقراء والأوساط الدولية والعربية.
فالبردوني كان حلو الابتسامة رقيق اللفظ عميق التفكير وكان زاهداً شامل الثقافة، اجتماعي الخط قوي النزعة الإنسانية وكان استثنائيا في حجمه. الأمر الذي جعل عمالقة الشعر في ملتقى أبي تمام يتسمرون على مقاعدهم بعد أن شاهدوا نهوضه كأبي العلاء المعري وقامته كأبي تمام والمتنبي.شاهدوا الحالة التاريخية في وجهه وحاضر الأمة في عينيه ومستقبلها في قصائده.
أما في الداخل فقد تحول إلى جزء من الثروة القومية وعلامة دالة على الكبرياء الوطني في وجه التحديات، وكان وحدوياً ثوريا صانعا للرأي العام، وأحد مهندسي الخطاب الوطني. تميز بالمسار الثقافي في اندفاعاته السياسية عكس العناصر التي اختارت المسار الطليعي -كامل المواصفات النضالية- وذلك لأن البردوني صاحب معاناة خاصة ناتجة عن عوامل معروفة.
فهل اختار البردوني هذا الطريق لظروفه الخاصة فعلاً أم لاعتبارات أخرى أكثر وجاهة خاصة وهو شجاع وصاحب شخصية قيادية ومناضل كبير لا يختلف عن غيره.


comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024