الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 03:24 م - آخر تحديث: 05:05 ص (05: 02) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
منطق السياسة ..و.. سياسة التمنطق



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


منطق السياسة ..و.. سياسة التمنطق

الثلاثاء, 29-يوليو-2003
ياســر البابلــي -
ربما هي الظاهرة العصرية الاكثر جدلا في علم السياسة وتطبيقاته في دول الديمقراطيات الناشئة ، لكنها قد تستحيل الاخطر من نوعها حين تتحول الادوات الفكرية للسياسة الى مجرد اصطلاحات لفظية يتمنطق بها دعاة السياسة بقصد إضفاء مشروعية ( وهمية )على مخططاتهم التي لاتنتمي للفعل السياسي بأي شكل من الاشكال ..وبذلك يكون هؤلاء قد اصبحوا عبئا على السياسة ذاتها .
فمع ان السياسة منطق فكري وفلسفس مؤطر بالكثير من النظريات والقواعد والتجارب المختزنة والبديهيات التي تشكلت بمقتضاهاالعديد من التكوينات التنظيمية المعروفة ، إلاّ أنها قد تصبح محض اعتبار عبثي عند حزب كالتجمع اليمني للاصلاح – لايتعدى مفهومه تشويه سمعة السلطة وتثبيط همم العزائم الجماهيرية المتعاونة مع القنوات الحكومية ..بدافع تفريغ العمل الوطني من محتواه السياسي الاخلاقي ، وتقويض دعائم الحكم بالقدر الذي يخلخل توازن الدولة ، ويخترق وحدة صفها الوطني ، ويبدد إنجازها الديمقراطي على النحو الذي يتيح للفصيل الادهى مكرا فرصة الاستيلاء على مقاليد السلطة ، واعادة تركيب حلقات اللعبة السياسية على طريقته الخاصة .
في حين يرى المؤتمر الشعبي العام في العمل السياسي الوطني على انه جهد توفيقي بين ثلاثة أمور حيوية هي ..الفكر الواعي أولا ، وأدوات تمثيله المناسبة ثانيا ، والمطلب الجماهيري ثالثا .إلا أنه يشترط للفكر أن يكون ناضجا ليس منحرف الى غير مساره الحضاري الطبيعي ، وفي الادوات أن تكون شريفة ومخلصة ومستوحاة من صميم الواقع اليمني .أمّا المطلب الجماهيري فيشترط له تمثيل ارادة الاغلبية العظمى من أبناء الشعب اليمني ، والتي لايمكن استخلاصها بغير الخيارات الديمقراطية الحرة والنزيهة .
لاشك أننا حين نقارن بين نهج المؤتمر الشعبي العام ونهج التجمع اليمني للاصلاح نكون قد وضعنا أنفسنا أمام ماهو منطق للعمل السياسي وما هو تمنطق بالسياسة .فالمؤتمر الشعبي العام حاز على فضل تأسيس الديمقراطية في بلادنا ، ورفع القواعد التشريعية الدستورية لكينونة المعارضة وحقوق عملها السياسي الوطني ..وانطلق بذلك من طبيعة وعيه بابجديات العمل السياسي ، وما يمليه عليه نهجه الواقعي من ضرورات تحتم عدم تجاهل الرأي الآخر ، بل وجعله مرآة تقويم الذات الوطنية وتشذيب صيغها العملية بالصورة التي تخدم المصالح الوطنية العليا ، وتقدم المطلب الجماهيري على كل الغايات السلطوية الاحتكارية الأخرى .
لكن المعنى نفسه لم يكن حاضرا عند حزب الاصلاح الذي استحال أقرب مايكون الى المرآة غير المستوية التي تشوّه صورة كل مايواجهها .. فقيادة الاصلاح تتمنطق بلسان السياسة دون ان تعرف أنها علم له أصوله ونظرياته ومؤسساته الأكاديمية الجامعية ، وليس منبر خطابي عبر صحيفة أو منشور أو غير ذلك – لاشغل له غير معاداة الحكومة والتحريض على رموزها ومؤسساتها الادارية وتزييف وقائع الاحداث .
لعل الغريب في القصة كلها هو ان الاصلاح ما انفك يتحدث بإسم الدين في الوقت الذي يكرس كل خطابه الاعلامي للتمنطق السياسي الاجوف ضد المؤتمر الشعبي العام ، كما لو أن قيادة الاصلاح قد انتهت من جميع مسئولياتها الدينية ( الاصلاحية ) لاخلاقيات المجتمع ، ودفنت الرذيلة تحت أقدامها وآن الأوان لها لتقويم السلطة ..؟مع العلم أننا قرأنا مقالا للزميل نبيل الصوفي رئيس تحرير" الصحوة نت" في صحيفة الثوري – لاأخفي اعجابي بفصاحته رغم كون الاخوة يدعونني بالكاتب المستعار ويسيئون الظن بيمانيتي – ركز فيه الاخ الصوفي على المواطن العادي البسيط وأهمية دوره في قيادة التغيير السياسي ..ومع انني من وجهة نظري الخاصة أتفق بالكامل مع كل دعوة تركز على انماء الفرد اجتماعيا وثقافيا ودينيا وسياسيا واقتصاديا وبصورة صحية ..ولكن التساؤل هنا : أليس تأهيل المواطن لدور كبير كالذي رسمه له الاخ الصوفي يقتضي تنقية سرائره وتهذيب خلقه وترسيخ ايمانه ومبادئه الانسانية الرفيعة ..؟؟ فياترى كيف السبيل لذلك وقد بات كل شيْ مسخرا للمناكفات الحزبية المحمومة عند الاحزاب المنضوية تحت الشعارات الدينية التي ينبغي أن تتقدم غيرها الى العمل الايجابي البنائي للفرد ..؟؟؟
في الحقيقة – لايبدو لنا أن الاصلاح يقف على فهم واضح للعمل السياسي الوطني الذي يحمل سماته الطبيعية وفلسفته المنطقية ..وهو أمر يتأكد أكثر عند الجماهيرحين تباغت مسامعها فتوى للأخ رئيس الدائرة السياسية لحزب الاصلاح أثناء حواره مع صحيفة "الخليج"الاماراتية ، والتي اعتبر فيها أي عمل ((يتم تحت سمع وبصر الحكومة فهو عمل مشروع )) حين كان يجيب على سؤال بخصوص ( تجنيد عملاء من أوساط المعارضة للعمل لصالح الاستخبارات الامريكية ) .
فأمر كهذا بدا مقلقا جدا للجماهير حين تبادر قوة سياسية ترفع شعار "القرآن والسنّة " الى اباحة التجسس لصالح الاجنبي …واذا ما افترضنا أن الاخ محمد قحطان يربط مشروعية الفعل بـ (الاشهار ) – بغض النظر عن نوعه - فأنه بذلك يحاول الزج ببلادنا وابناء شعبنا الى واقع المبررات الجاهزة لكل فعل مشين بدعوى أن الحكومة تعلم بوجود فساد اجتماعي أو فساد أخلاقي عند بعض الناس أو بوجود لصوص وزنادقة وغيرهم ..وبالتالي تصبح ممارسة تلك الامور مشروعة لكل من هب ودب .. ومادمنا مجتمعا غير مثالي ، أو لاتكتمل فينا الفضيلة التامة سيكون التشريع (الاصلاحي ) الجديد مدعاة للتخريب والهدم الاخلاقي للبنى الاجتماعية والثقافية لأبناء شعبنا .
فهل بإمكان مثقفينا أن يسمون مثل ذلك الخطاب سياسة ..؟؟؟ أو حتى وعي سياسي في حدوده الدنيــا ؟
لا نظن ذلك إلا تمنطق سياسي من نوع فريد لم يسعفنا الحظ بتعلمه .. فلا شك أن الدول لاتبنى بالطريقة التي تشبع النزوات وتوافق المزاجات الحزبية المتقلبة ، بل وفقا لمباديء سياسية ثابتة منبثقة عن منطق عقلي سليم وناضج بما فيه الكفاية ليتحمل مسئولية شعب بأسره ، ويخطط لبرامجه على أسس علمية وانطلاقا من قراءات مستفيضة لدروس الماضي وتجارب الغير والافق الذي تضع عليه الجماهير كل آمالها وتطلعاتها لمستقبل أبنائها ..وهو النهج الذي كان حاضرا على الدوام في سياسات المؤتمر الشعبي العام – والذي يصعب على أحد نكرانه لكونه أصبح جزء راسخ في واقعنا اليمني ، وبات كل فرد منا ينعم بثماره الطيبة ، سواء من خلال الوحدة اليمنية أم التعددية الحزبية والممارسات الديمقراطية والكثير من المؤسسات المدنية التي ماكان لها أن تقوم لولا أنها كانت غايات نبيلة ناضل لأجلها المؤتمر الشعبي العام بفكر واعي ، ورؤى ثاقبة للواقع ومتطلباته ، وبأدوات سياسية شريفة وصادقة كان من البديهي لها أن تصبح منطقا سياسيا حقيقيا .. وليس ..تمنطقا بالسياسة وجهلا بأبسط قواعد ممارساتها ومسئولياتها الوطنية .
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

محمد "جمال" الجوهريقراءة متآنية لمقال بن حبتور (مشاعر حزينة في وداع السفير خالد اليافعي)

28

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالسِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم

22

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024