نقابتنا ...إلى أين؟؟
السبت, 25-مارس-2006فيصل مكرم -
كثيرا ما ناشدنا زملاءنا الأعزاء في مجلس نقابة الصحافيين الارتقاء بأداء النقابة والتعبير عن التزاماتها تجاه قضايا المهنة وحقوق الأعضاء بما يتفق والثقة التي نالها النقيب وأعضاء مجلس النقابة في الانتخابات التي جرت قبل نحو عامين في إطار المؤتمر العام الذي مثل نموذجاً متميزاً - غير مسبوق- في فعالياته ونتائج انتخاباته التي أفرزت قيادة نقابية جديدة عبرت عن ثقة وإرادة الصحافيين أعضاء الجمعية العمومية, وكان المؤتمر العام عكس وعياً راقيا لدى معظم زملاء مهنة المتاعب تجاه مهنتهم وحرصهم على تماسك نقابتهم وبالتالي ممارسة كامل حريتهم في اختيار من يمثلهم في قيادة النقابة بكل حرية وشفافية.
- وللأسف أن ما حدث بعد أسابيع قليلة على انقضاء مؤتمر النقابة من خلافات بين أعضاء المجلس"الموقر" وتنافر في المواقف لم يكن عند مستوى المسؤولية ليصبح الانسجام الذي كنا ننشده بين النقيب والأعضاء وفي ما بين الأعضاء مستحيلاً اليوم بعد أن قدم الزميل محبوب علي استقالته مؤخرا فيما كان عدد من الأعضاء المنتخبين استقالوا مبكراً نتيجة الخلاف على المناصب وعدل الزميل حافظ البكاري أمين عام النقابة عن استقالته قبل بضعة أشهر بعد تدخل زملاء أقنعوه حينها بعدم "الهروب" من المسؤولية أياً كانت الظروف أو "الحملات" التي تعرض لها من جانب أطراف ليسوا على انسجام معه أو قناعة بأدائه.
- الزميل محبوب استقال لأنه على ما يبدو لم يعد يحتمل أن يكون في هذا المنصب دون صلاحيات "مطلقة" أمام مجلس النقابة وأمام الرأي العام..ومجلس النقابة بين من يشكلون "جبهة" ضد النقيب وضد كل من يقف متعاطفاً معه وبين من يشكلون فريقاً هو خليط من "التذمر" والسلبية والغياب عن دائرة الأحداث والتطورات التي تشهدها النقابة..والجميع بالتالي باتوا عبئاً على مهنة الصحافة أكثر من كونهم قيادة نقابية لها..وما حالة التخبط وهذه الخلافات التي طغت على علاقة زملائنا أعضاء المجلس ببعضهم إلا دليل على أن مجلس النقابة خيَّب آمالنا ورمى بتطلعاتنا نحن الذين منحناه ثقتنا أدراج الرياح وبدلاً من أن يرتقي الزملاء بأدائهم ومسؤولياتهم الى مستوى المؤتمر العام ونتائجه والى مستوى الثقة التي منحوا إياها من زملائهم أعضاء الجمعية العمومية نجدهم - وبعد بضعة أسابيع أو أشهر - وقد حولوا النقابة الى ميدان "حزبي" ومنبر"جبهوي" تتبارى فيه الأحزاب والقوى السياسية في السلطة والمعارضة وتستعرض من خلاله نفوذها وتختبر مدى تأثيرها على الصحافة وبالتالي على الرأي العام ..ونسوا- وربما أنساهم الله- واجبهم المهني في الدفاع عن حقوق الصحافيين التي ما فتئت تهدر وتنتهك هنا وهناك..وباتت النقابة عاجزة عن ضبط إيقاع علاقتها بالأعضاء وعلاقة الزملاء ببعضهم وحين يلجأ النقيب أو الأمين العام أو عضو في قيادتها الى الاستقالة تذمراً وهروباً أو حنقاً وغضباً أو بهدف تسجيل موقف أيا كانت معطياته أو خلفياته فذلك تأكيد لا ريب فيه أن ثمة اختلالات تفاقمت لتخرج في نهاية الأمر عن نطاق السيطرة الداخلية وبأنها أصبحت عصّية على قواعد الالتزام بالمسؤولية المهنية ناهيك عن المسؤولية القيادية في نقابة تعتبر في طليعة النقابات المهنية وأهمها على قائمة مؤسسات المجتمع المدني وواحدة من أبرز المؤسسات الديمقراطية المدافعة عن الحريات والحقوق وتقوم رسالتها على تعزيز قيم العدل والمساواة والخير والجمال وهي تناهض ظواهر الفساد الأخلاقي والقيمي وكل الاختلالات التي تستهدف بالعدوان وبالباطل قيم المجتمع وتطلعات الناس للحياة الكريمة ومصالح الوطن حاضراً ومستقبلاً.
- وحيث لا يمكن للصحافة أن تدافع عن حريات أبنائها والحفاظ على حقوقهم أو تكون - كما ينبغي-شاهد حال على مشاهد التغيير والتطورات التي تحصل في البلد في غياب كيانها النقابي أو في ظل بنية نقابية تتجاذبها الخلافات أو تتقاذفها المواقف السياسية والنزعات الشخصية وهي كلما تحقق منجزاً للمهنة تُضيِّع في مقابله إنجازات قائمة وأكثر أهمية بين شتات الأداء ورياح الخلافات التي يزداد صريرها وقعاً بين عاصفة وأخرى.
- وفي هذا السياق فإن استقالة الزميل النقيب محبوب علي ربما تكون خطوة شجاعة كأفضل ما يلجأ إليه "المتذمر" أكثر من كونها إدانة بالهروب من المسؤولية ..غير أن استقالة النقيب تُعد مدخلاً لإدانة مجلس النقابة بتهمة تجاهل الجمعية العمومية باعتبارها المرجعية الشرعية لفض منازعاتهم وخلافاتهم ومنع التدهور في كيان النقابة ومحاسبة من وضعنا الثقة فيهم ممن ثبت ضدهم أدلة تُدينهم في مسؤولياتهم المهنية وبالتالي اتخاذ القرارات المناسبة التي تعيد للصحافة اليمنية ونقابتها ذات البريق والتميز الذي واكب مؤتمرها العام قبل عامين ونيف.. وبالتالي ينبغي على زملائنا في مجلس النقابة دعوة الجمعية العمومية لتقييم أداء النقابة وبحث هذه التطورات على صعيد المهنة صاحبة الجلالة قبل فوات الأوان.
عن صحيفة الثورة