الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 04:02 ص - آخر تحديث: 10:15 م (15: 07) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
روسيا .. تجربة مع شعب



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من ثقافة


عناوين أخرى متفرقة


روسيا .. تجربة مع شعب

الثلاثاء, 30-مايو-2006
تأليف :روبرت سيرفيس -
مؤلف هذا الكتاب هو البروفيسور روبرت سيرفيس الأستاذ في جامعة أوكسفورد. وهو أحد كبار الاختصاصيين الانجليز في الشؤون الروسية ماضياً وحاضراً. وكان أحد أوائل المؤرخين الذين أتيح لهم أن يتوصلوا إلى الأرشيف السوفييتي بعد انهيار النظام الشيوعي. ولد البروفيسور سيرفيس عام 1947 وأكمل تعليمه العالي في جامعة كامبردج حيث درس التاريخ الروسي والفكر اليوناني القديم. وقد اشتغل في جامعات ايسيكس وليننغراد ولندن قبل أن يلتحق بأوكسفورد عام 1998.

وقد نشر بين عامي 1986-1995 ثلاثية ضخمة عن قصة حياة لينين. كما ألف دراسات عديدة عن التاريخ العام لروسيا في القرن العشرين. وقد لقيت مؤلفاته صدى واسعاً لدى الجمهور الانجليزي العام وليس فقط لدى الاختصاصيين.

وهو الآن منخرط في كتابة سيرة ضخمة عن حياة ستالين وتروتسكي. ويبدو أن الجزء الأول منها صدر عام 2004. وكان نشر كتاباً كبيراً عن تاريخ روسيا الحديثة بين القيصر نيكولا الثاني وفلاديمير بوتين. وكذلك نشر كتاباً عن تاريخ الثورة الروسية.

وفي هذا الكتاب الأخير عن روسيا: تجربة مع شعب يتحدث المؤلف عن أحوال تلك البلاد بعد سقوط الاتحاد السوفييتي عام 1991. إنه يتناول تجربة روسيا من مختلف النواحي: الاقتصادية، فالسياسية، فالثقافية، فالاجتماعية.. الخ.

يقول المؤلف بما معناه: بعد موت ليونيد بريجينيف شهد الاتحاد السوفييتي أزمة كبيرة سياسياً، واقتصادياً، ودبلوماسياً. في الواقع إن هذه الدولة التوتاليتارية كانت مبنية على الإيديولوجيا، على الأقل نظرياً. ولكن في حقيقة الأمر فإن الماركسية ـ اللينينية لم تكن إلا واجهة خادعة. لماذا ؟ لأن الدستور الصادر عام 1977 مفرغ من معناه لسبب بسيط: هو أن السكرتير العام للحزب ينزع من المؤسسات كل سلطة ممكنة.

فالشعار المطروح كان هو التالي: السلطة هي الحزب، والحزب هو السلطة. الحزب هو الذي ورث السلطة عن القياصرة وطبقة النبلاء الروس السابقة. وبالتالي فالسلطة هي في يد اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، ثم بالأخص المكتب السياسي. ضمن هذا المعنى فإن المجلس السوفييتي الأعلى وكذلك مجلس الوزراء لا يمتلكان أي سلطة حقيقية. إنهما عبارة عن واجهة تختفي وراءها السلطة الحقيقية.

وبالتالي فلا مؤسسات رسمية ولا من يحزنون.وكذلك الأمر فيما يخص المناطق والجمهوريات الاتحادية. فالسلطة الفعلية كانت في يد الحزب لا الدولة. صحيح أن الحكومة المحلية كانت تتجسد في شخص جورجي أو أوزبكي أو قوزاقي، الخ. ولكن السلطة الفعلية كانت في يد السكرتير العام المحلي للحزب الشيوعي. وهو روسي عموما. وبالتالي فالعنصر الروسي كان يسيطر على كل جمهوريات الاتحاد السوفييتي.

يضاف إلى ذلك أن بريجينيف كان مريضاً أكثر فأكثر في السنوات الأخيرة. ولذلك ترك السلطة في أيدي الأوليغارشية: أي حكم الأقلية التي تهيمن عليها جماعة صغيرة هدفها الاستغلال والمنفعة الشخصية. وهكذا انتشر الفساد وأصبح عاماً شائعاً في كل أنحاء البلاد.

وأصبح بعض أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي من أمثال سوسلوف يمتلكون سلطة لا محدودة تقريباً. فقد كان يسيطر على دور النشر، ووسائل الإعلام، ووكالة تاس للأخبار، واتحاد الكتاب والمؤلفين. كان يعتبر بمثابة الفيلسوف أو المنظّر الأكبر للحزب.

وباسم ذلك كلفوه بمراقبة الطوائف الدينية وبخاصة الكنيسة الأرثوذكسية التي تشكل الأغلبية التاريخية في روسيا. كما كلفوه بمسؤولية العلاقات مع الأحزاب الشيوعية الأجنبية. باختصار فإن المجموعة الصغيرة التي كانت تحيط ببريجينيف كانت تمتلك كل السلطات. وأحياناً كانت تمارسها بدلاً عنه لأنه مريض.

ثم يضيف المؤلف قائلاً: وهناك سبب آخر أدى إلى انهيار الاتحاد السوفييتي هو: الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. فالقطاع الزراعي كان في حالة يرثى لها. وقد زاد من تدهور الأوضاع انخراط ريغان في حرب النجوم المكلفة جداً: أي في صناعة الصواريخ المضادة للصواريخ جواً.

ولأجل ذلك ضاعف من ميزانية وزارة الدفاع عام 1985 فأصبحت 258 ملياراً: أي ما يشكل 3,6 بالمئة من الدخل القومي الأميركي. ولكي يرتفع الاتحاد السوفييتي الى مستوى التحدي كان مضطرا لزيادة ميزانيته الدفاعية أيضا فأصبحت 250 مليار دولار: أي ما يشكل 15 بالمئة من مدخوله القومي.

وهذه نسبة كبيرة. وقد أدت إلى تقليص ميزانيات الوزارات الأخرى وحرمان الشعب من خدمات استهلاكية كثيرة. وهكذا انخفض مستوى حياة الشعوب السوفييتية بسبب هذه المنافسة المحمومة على التسلح، وربما كانت أميركا قد فعلتها قصدا لكي تنهك الاتحاد السوفييتي وتعجل في انهياره.

وهذا ما حصل عام 1991. وعندئذ انفجر هذا الكيان الاصطناعي الضخم وظهرت على أنقاضه روسيا جديدة. وهكذا تقلصت حدود روسيا إلى ما كانت عليه في أواخر القرن التاسع عشر وبداية العشرين: أي ما قبل الثورة البلشفية وتشكل الاتحاد السوفييتي.

بل وحتى الأراضي التي كانت قد انضمت إلى روسيا في القرن السابع عشر كالجمهوريات البالطية «البلطيق» استقلت عن روسيا وانفصلت.

وهكذا فقدت روسيا مكانتها كقوة عظمى بين عشية وضحاها. وانهار الاتحاد السوفييتي كقصر من كرتون أو كنمر من ورق. ولكن هذا لا يعني أن كل مشاكل روسيا انتهت! على العكس لقد تفاقمت. فالمجتمع الروسي السابق كان مجتمع المساواة بين المواطنين. صحيح أنهم كانوا فقراء عموماً بالقياس إلى الشعوب الغربية ولكنهم كانوا متساوين فيما بينهم إذا ما استثنينا الطبقة الحزبية التي تتمتع بكافة الامتيازات والحقوق.

أما المجتمع الجديد الذي نهض على أنقاض المجتمع الشيوعي القديم فقد انتقل بروسيا بشكل مباغت وفج من عصر الاشتراكية إلى عصر الرأسمالية. وعندئذ ظهرت التفاوتات الضخمة بين الطبقات. عندئذ افتقرت الطبقات الوسطى وعموم الشعب لكي تغتني طبقة الرأسماليين الجدد فقط.

وهي طبقة وصولية، انتهازية من الدرجة الأولى. وقد أصبح أعضاؤها من أصحاب الملايين أو المليارات في ظرف سنوات معدودات أو حتى أقل، ورحنا نسمع بطبقة الأغنياء الجدد في روسيا لأول مرة.

وأخذوا يظهرون بملايينهم وبطرهم وجشعهم في عواصم الغرب من باريس، إلى لندن، إلى نيويورك، إلى برلين، إلى الشاطئ اللازوردي. وراحوا يشترون الفيلات الفخمة والقصور بأسعار خيالية، وحلوا تقريبا محل أغنياء الخليج وأصحاب البترول الذين سادوا في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.

وفي الوقت ذاته كان الشعب الروسي يتضور جوعاً. وبالتالي صحيح أنه ربح الحرية بسقوط الشيوعية ولكنه خسر لقمة العيش. وأخذ الكثيرون يتحسرون على النظام السابق على الرغم من دكتاتوريته وإرهابه البوليسي. ويمكن القول بأن نسبة 30 إلى 35 بالمئة من الشعب الروسي أصبحت تعيش تحت مستوى عتبة الفقر في روسيا الديمقراطية والرأسمالية. وهي نسبة كبيرة وغير محتملة.

نقول ذلك وبخاصة أن الشعب الروسي يرى على شاشات التلفزيون كيف تعيش طبقته الرأسمالية الجديدة في أحياء موسكو الراقية أو أحياء مدينة سان بطرسبورغ التي ألغت اسمها السابق ليننغراد: أي مدينة لينين. بل وكانت ترى كيف يعيش الأغنياء الروس الجدد على الشواطئ الفرنسية والإيطالية وكأنهم أمراء العهد القيصري القديم.

* الكتاب:روسيا: تجربة مع شعب

* الناشر: مطبوعات جامعة هارفارد 2006




comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024