الخميس, 18-أبريل-2024 الساعة: 03:32 ص - آخر تحديث: 02:25 ص (25: 11) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
ربط الظلم بالوطن لا يعول عليه



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


ربط الظلم بالوطن لا يعول عليه

الخميس, 30-أغسطس-2007
فيصل جلول* -
يستخدم البعض في اليمن تعابير سياسية تبدو للوهلة الأولى وكأنها غير قابلة للنقاش أو بدهية.فيقال على سبيل المثال: الفساد هو الانفصال.ويمكن القول أيضاً في السياق نفسه: الظلم الاجتماعي هو الانفصال. ولربما أيضاً: عدم تكافؤ الفرص هو الانفصال... إلخ. وحتى لا نجرد هذه التعابير من سياقها لا بد من الإشارة إلى أنها تطلق في معرض الرد على الحكومة أو على الحزب الحاكم الذي ينسب إلى بعض الحركات السياسية المعارضة أو بعض الأنشطة المضادة للحكومة نوايا وأهدافاً تتعدى المطالب والشعارات المرفوعة إلى النيل من الوحدة الوطنية اليمنية.

يستشف من النبرة الاتهامية للتعابير المذكورة - خصوصاً عندما ترد في الخطب المذاعة أو المتلفزة- أن الطرف الذي يتفوه بها يضمر رد تهمة الانفصال عنه بطريقتين الأولى بنفيها عبر الإصرار على الطابع المطلبي للتحرك الميداني أو للخطاب السياسي والثانية عبر تنسيب التهمة إلى الخصم بصيغة المبالغة أو عبر السجال السياسي الابتدائي على غرار: حاشى أن نكون انفصاليين. أنتم الانفصاليون وحدكم. وهذا يعني أن الانفصال في اليمن بات تهمة مروعة لا يجرؤ أحد على الجهر بها.

مع ذلك من الصعب أن يصمد المعنى المشار إليه طويلا لدى فحص أولي. ذلك أن الظلم الاجتماعي ظاهرة معروفة لدى كل الأمم لكن لم تسجل حالة واحدة استوجبت رفع الظلم من خلال الانفصال الوطني. والفساد ظاهرة قميئة منتشرة في كل بلدان العالم بنسب متفاوتة لكنها لم تكن يوماً ما رافعة تأسيسية لحركات انفصالية.علماً بان الحركات الانفصالية المعروفة كانت تبرر بأسباب عرقية أو بظلم وطني نجم عن تدبير استعماري قضى بفصل أجزاء من وطن وضمها إلى وطن آخر أو ما شابه ذلك.

ولم يسجل في الوقائع التاريخية التي نعرفها أن حركة انفصالية وطنية قامت على دعاوى مطلبية من نوع مكافحة الفساد أو طلب وظائف عامة أو معالجة أزمة البطالة أو تحقيق المساواة الاجتماعية وقد نجد العكس تماماً حيث ان حركات انفصالية كحركة الباسك في اسبانيا أو حركة الكورسيكيين في فرنسا تطالب بالانفصال رغم الامتيازات الاجتماعية والضريبية التي تتمتع بها ذلك أن دوافعها عرقية ولغوية وتاريخية أو وطنية على وجه الإجمال.

ومع ذلك يحتاج التعبير المذكور: "الظلم الاجتماعي هو الانفصال" أو " الفساد هو الانفصال " إلى المزيد من الفحص والتفسير.

عندما يرفع الشعار أو المطلب بهذه الصيغة فهو ينطوي على تحليل سياسي يقول بطرق غير مباشرة: الظلم في جانب السلطة أو هو صادر عنها وبما أنه هو الدافع إلى الانفصال فهذا يعني أن السلطة هي التي تدفع الطرف المعارض إلى الانفصال وهي بالتالي انفصالية وليس الطرف الذي يريد الانفصال لمعالجة ظاهرة الفساد. ولمزيد من التبسيط يمكن صياغة المعادلة بعبارة أخرى: السلطة متهمة بالفساد والفساد يعني الانفصال إذن السلطة انفصالية. الطرف المعارض للسلطة والمطالب بمكافحة الفساد ليس انفصالياً بل وحدوي يرغب بالانفصال ليس من أجل الانفصال وإنما من أجل مكافحة الفساد.

يذكر هذا النوع من المحاججة بالنقاش الذي دار خلال الحركة الانفصالية الفاشلة عام 1994 فقد قيل يومها في تبرير الانفصال أن الوحدة جاءت بالمظالم وأن الانفصال تم لرفع المظالم وبعد أن ترفع المظالم نبني وحدة بلا ظلم اجتماعي. لقد بات معروفاً مصير تلك الحركة التي خسرت معركة الانفصال ليس بوسائل عسكرية وإنما بوسائل سياسية و أخلاقية من بينها الزعم الضعيف أن حل المشاكل الاجتماعية يحتاج انفصالاً وليس علاجاً وطنياً وحدوياً.

والثابت أن مواصلة السجال السياسي مع السلطة وفق المنهج نفسه و الثقافة السياسية نفسها لا بد أن يفضي إلى النتائج نفسها وبالتالي إلحاق الأذى بمطالب اجتماعية قد تكون محقة عبر حشرها في ثنائية الوحدة والانفصال.

إن الفساد أو الظلم الاجتماعي أو سوء التدبير الإداري أو الخلل الأمني أو غيرها من الظواهر ما هي إلا نتائج لسياسات حكومية وليست نتائج للانتماء الوطني والوطنية في بلد ما ولو كانت تلك الظواهر مرتبطة بنيوياً بوحدة البلدان والأوطان لما بقي بلد واحد على حاله في العالم ولما بقيت أمة واحدة موحدة وعليه من الصعب أن تقنع اسبانياً أن الفساد في بلاده يمكن علاجه بواسطة الانفصال أو تقنع فرنساً بأن نسبة البطالة البالغة عشرة بالمائة ناجمة عن الانتماء الوطني . إن العنصريين في البلدين هم الذين يفسرون هذه الظواهر تفسيراً وطنياً وليس سياسياً عبر القول بان حل أزمة البطالة يقتضي طرد الأجانب أو المواطنين من ذوي الأصول الأجنبية.

يملي ما سبق بعض الاستنتاجات التي ربما كانت مفيدة في تصويب السجال السياسي في اليمن وفي غيره من البلدان الطامحة لبلوغ مصير أفضل:
أولاً: الامتناع عن العبث بالوطنية والوطن والحرص على عدم عرض المسائل الوطنية العليا في سوق الجدل السياسي اليومي.

ثانياً: معالجة الظواهر الاجتماعية كالفساد والبطالة والظلم الاجتماعي بوسائل خلاقة وليس فقط بإجراءات إدارية.فالبطالة لا تعالج بتعميم الكفاف بوسائط إدارية صارمة وحديدية وإنما بزيادة الدخل الوطني. وفي حين يفترض الحزم في التصدي للفساد من أجل مراكمة الثروة الوطنية وتنويع مصادرها فإن حصر الفساد في الانتماء الجغرافي أو العائلي للفاسد يعكس سوء نية ويضعف إرادة التصدي له عبر نقل المعركة من المجال الإداري أي مجالها الطبيعي إلى مجال الانتماء والهوية وفي هذه الحال يبقى الفساد ويخسر الساعون للتصدي له.

ثالثا: لابد من معالجة بقايا ملفات خاصة نشأت عن الوحدة بوصفها ملفات وطنية وليس فئوية ذلك أن فئويتها تحيل إلى الانفصال وتسد أبواب علاجها في حين أن وطنيتها تحيلها إلى المسؤولية اليمنية الجماعية وبالتالي تعين في حلها في إطار وطني لا يثير هواجس أحد ولا يستدعي تشكيكاً من أحد.ولعل هذا ما درج عليه الألمان منذ الوحدة مع فارق هائل في الوسائل بين صنعاء وبرلين.

رابعا: لقد بات واضحاً من خلال التجارب السياسية المابعد وحدوية في اليمن أن الطرف أو الأطراف السياسية التي خاضت معارك داخلية باستحضار معادلة الوحدة والانفصال قد خسرت هذه المعارك وهزمت شر هزيمة، ذلك أن اليمنيين كل اليمنيين يحتفظون بإرادة وحدوية صلبة ربما هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن فشل الدعاوى الانفصالية الصريحة أو المبطنة ما يعني أن مستقبل العمل السياسي الناجح في اليمن هو وحدوي حصراً ولو كره الكارهون من المتربصين خارج الحدود اليمنية.
*صحيفة 26 سبتمبر
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024