الأربعاء, 24-أبريل-2024 الساعة: 11:02 ص - آخر تحديث: 11:23 م (23: 08) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
تركيا وأكرادها.. أزمة سياسية أم صراع مسلح؟



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


تركيا وأكرادها.. أزمة سياسية أم صراع مسلح؟

الجمعة, 26-أكتوبر-2007
نصر طه مصطفى - تصاعدت أزمة تركيا مع معارضي النظام من الأقلية الكردية المسلحة بطريقة مفاجئة، بعد فترات طويلة من الهدوء المشحون بأسباب الانفجار في أي وقت، ومع ذلك فإن الأزمة الحالية تبدو سياسية أكثر منها عسكرية، على الرغم من كل الإجراءات التي تم اتخاذها بشأن إعطاء البرلمان التركي الموافقة للحكومة والجيش على شن هجمات مسلحة تقوض النشاط العسكري لحزب العمال الكردستاني، الذي ينشط من جبال كردستان في شمال العراق، حيث يجد ملاذاً آمناً هناك منذ تأسيسه أواخر سبعينات القرن الماضي، ذلك لأن المقاومة الكردية المسلحة قد تلقت ضربات أمنية وسياسية طوال السنوات الماضية، كانت أقساها اعتقال مؤسسها عبدالله أوجلان عام 1999م ومحاكمته وسجنه مدى الحياة، إضافة إلى التغير الكبير الحاصل في المناخ الإقليمي المحيط الذي كان يتيح لهذه المقاومة مساحة أكبر في الحركة لم تعد متوفرة الآن، بل إن دولة مثل سوريا على سبيل المثال، أعلنت الأسبوع الماضي على لسان الرئيس بشار الأسد موقفاً مغايراً عما كان عليه الأمر قبل عدة سنوات، إذ أعلن الرئيس الأسد خلال زيارته الرسمية لتركيا عن تأييده لحقها في توجيه ضربة عسكرية لحزب العمال الكردستاني.

لا يبدو تنشيط المقاومة الكردية المسلحة في الآونة الأخيرة ضد النظام في تركيا عملاً بريئاً أو طبيعياً في هذه الظروف، إذ إن هذا البلد بدأ بالكاد يدخل في حالة من الاستقرار السياسي غير مسبوقة منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم قبل خمس سنوات، وحيث سمح هذا الاستقرار بحدوث طفرة اقتصادية غير مسبوقة كذلك، الأمر الذي جعل الناخبين الأتراك يجددون الثقة بشكل أكبر في هذا الحزب في انتخابات الصيف الماضي، ما مكنه من تشكيل الحكومة منفرداً وانتخاب رئيس جديد للجمهورية من صفوفه، وأخيراً موافقة 72% من الناخبين بداية الأسبوع على التعديلات الدستورية التي اقترحها لتعزيز الإصلاحات السياسية والديمقراطية.

ولذلك يبدو التحرك المسلح لحزب العمال الكردستاني في هذا الظرف وكأنه يريد زعزعة الاستقرار السياسي وإقحام النظام في نوع من أنواع حرب الاستنزاف، التي يمكن أن تؤثر سلباً في الأوضاع الاقتصادية وتقحم تركيا في نزاع داخلي وإقليمي في الوقت ذاته، خاصة مع بروز تعاطف واضح من قادة كردستان العراق مع حزب العمال الكردستاني على مستويات مختلفة، وإن جاءت تصريحات الرئيس العراقي جلال الطالباني، وهو كردي بالطبع، بدعوة أفراد الحزب للانسحاب من شمال العراق للتخفيف من حالة التوتر مع الحكومة التركية.

لاشك في أن حصول أكراد العراق على حكم ذاتي كان عاملاً أساسياً في فتح شهية أكراد تركيا مجدداً، وسيكون كذلك بالنسبة للأكراد الموزعين على دولتين أخريين على الأقل هما سوريا وإيران، إلا أن هؤلاء جميعاً يعلمون جيداً أن ثمن الحكم الذاتي الذي حصل عليه أكراد العراق كان تدمير دولة بأكملها ووضعها بداية تحت الحصار القاتل لاثني عشر عاماً، ثم تحت الاحتلال المباشر منذ أكثر من أربعة أعوام، فلولا مثل هذا التدخل الدولي المباشر لما حصلوا على هذه الميزة دوناً عن أمثالهم في تركيا وإيران وسوريا، ناهيك عن أن الهدف الأساسي للغرب من كل ذلك، وتحديداً الولايات المتحدة كان ضرب وإسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين، فجاء الحكم الذاتي لكردستان العراق كنوع من أنواع المكافأة على تعاون الطالباني والبرازاني مع القوات الغازية، وليس عن قناعة حينها بأن حصولهم عليه هو حق من حقوقهم المشروعة أو حتى غير المشروعة. ولعل الأمريكان أدركوا اليوم حجم الخطأ الذي ارتكبوه في العراق، وهم إن لم يدركوه اليوم فسيحصل ذلك مستقبلاً بلا شك، لأن المنطقة غدت على كف عفريت بسبب عدد من سياساتهم المتهورة وغير المدروسة بما يكفي للحفاظ على استقرارها.

على الرغم من حماسة الجيش التركي الدائمة والمعروفة لاستخدام القوة ضد عناصر حزب العمال الكردستاني، فإن حكومة رجب طيب أردوغان التي طالما اختلفت مع هذا الجيش تبدو اليوم أكثر حماسة منه لحسم المعركة مع المتمردين الأكراد بالقوة، وهي تعلم أنه بقدر ما سيكون ذلك سبباً في التقارب بينها وبين الجيش، فإنه كذلك سيعزز من شعبيتها لدى شعبها الذي يؤيدها بقوة للتخلص من هذا الحزب الكردي الذي عانى الأتراك كثيراً من عملياته الإرهابية في فترات سابقة من القرن الماضي، وترك انطباعاً سيئاً في نفوسهم رغم محاولات بقية الأحزاب الكردية المدنية الاندماج في العمل السياسي وهو ما أسهم في نجاح عدد ملحوظ من النواب الأكراد المعتدلين في الانتخابات النيابية الأخيرة. وفي كل الأحوال فإن المؤشرات الحالية توحي بأن الوساطات الدولية قد تثمر في تجنيب الجيش التركي الدخول في معارك مكلفة عدداً وعتاداً واقتصاداً مع جماعات معتادة على حرب العصابات في ميدان يتسم بالوعورة والتضاريس الصعبة، حتى وإن افتقدت للكثير من قوتها السابقة وعانت من التضييق السياسي المحلي والدولي، لكنه، أي الجيش التركي، قد يكتفي بضربة محدودة يرد بها اعتباره ويثأر لقتلاه ويثبت أنه لايزال قادراً على حسم المعركة إن أراد، وتمكنه كذلك من توصيل رسالة مطلوبة للداخل والخارج بعد أن نجح حزب العدالة والتنمية في تحجيم دوره السياسي من خلال التمسك بالخيار الديمقراطي الكامل والإصلاح السياسي وحماية الحقوق الشخصية للأفراد.

أياً كانت النهاية التي ستنتهي بها هذه الأزمة، فإن ملف هذا الصراع سيظل مفتوحاً باعتباره من الملفات التي تحب القوى الدولية الكبرى إبقاءها مفتوحة لاستخدامها وسيلة للضغط على الدول التي تعاني منها، وابتزازها والحيلولة دون استقرارها بشكل كامل. وقد شاهدنا في دول أخرى ملفات نظنها أغلقت لكنها سرعان ما تعود للنشاط كما هو حاصل الآن في السودان مع شركاء السلام، وكما هو مطلوب أن يحدث في اليمن والمغرب ومصر ودول أخرى كثيرة. ومن المقلق أن نجد تجربة ناجحة كما هو الحال في تركيا، تعود بها الحسابات الدولية إلى خانة الصراعات الداخلية، الأمر الذي يجعلنا نراهن على دهاء قادة حزب العدالة والتنمية في ألا ينجروا لمثل هكذا صراع سيستنزف كل الازدهار الاقتصادي الذي حققوه خلال السنوات الخمس الماضية.

*نقلاً عت صحيفةالخليج
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024