السبت, 27-أبريل-2024 الساعة: 02:37 ص - آخر تحديث: 11:02 م (02: 08) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
تجليات لشيء من كيمياء الروح البشرية (1 – 2 )



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


تجليات لشيء من كيمياء الروح البشرية (1 – 2 )

الخميس, 12-فبراير-2004
المؤتمر نت - بقلم / د. مروان الغفوري - بسم الله الرحمن الرحيــم
أحياناً تتجاوز المخالفات قدرتنا على الغفران ، ذلك حين تتعدى النقاط الحمراء و ما نضعهُ نحنُ في خانةِ الثوابت أو المقدّس . و هنا ، ينبغي على الذين يقيمون السلوك البشري أن يضعوا أمامهم هذا السؤال : لو كنتم في موضع من انتهكت حرمته ، كيف ستفعلون ! إن تقديرنا و فهمنا للنفس البشرية ، ثم تصنيفنا لقائمة طويلة من المعايير لا يعني البتّة أن نضحّي بأسسنا " عقدية ً كانت أو قبليةً " في مقابل الظهور أمام الآخرين بمظهر حضاري مزيّف ... و ثورتنا التي تأخذ أحياناً لون البركان و عنفوانه ليست خطأ ً على الدوام ، فللمرونة الإنسانية حدودٌ إذا تعدّاها الآخرون تصبحُ ردة فعلنا إلى محض بهلوان مقدّس ، يأكل الأخضر و اليابس ... و حديثي أدناهُ ، رغم نفسيته التسامحيّة العالية إلا أنه يظلّ يلقي بظلالٍ تشريعية كثيفةٍ على مجمل الثورة من أجل " المقدّس " و الــ زوايا الحمراء .

عندما تختفي القيم المطلقة و المعان المعيارية من خلَدِنا ، و تئيضُ الأراجيفُ و " الأنا " محكاتٍ للتداعي الاجتماعي ، هناك فقط تتفشى الذات و تعظّم حقها في الانتصار و الغلبة ، و ينصرف أكثر من 90% من تفكيرنا إلى النفس ـ الداخل ، و عند ذلك و حسب ننتصرُ لأنفسنا بشراسةٍ متناهية دون ادنى تفكيرٍ بما قد يخلقه هذا النصرُ الآني من جروحٍ غائرةٍ قد لا يضمدها الزمن الآتي ، و قديماً قيل :

once bitten , forever smitten ...!

فماذا لو كبرنا على أوهاقنا و أحزاننا و انتصرنا للمطلق على حساب قليلٍ من الطمأنينة و الشعور الزائف في كسبِ أيّ سجالٍ وهميّ ...! عندما تأتيني ضامّاً قبضتيك و تمطرني بوابل صيّبٍ من الفحشاء ، فليس أسهل من أن أضمّ قبضتيّ و أزجي إليك الودْقَ أحمرَ قانياً ، ثم اعترك معك حتى مطلعِ القهر... لكن ، ماذا لو جرّبنا البحث عن نقاط المشترك العام ..! و ماذا لو افترضنا أننا نتشاجر فقط لأننا نشترك في نفس الهم و لأنّ أحدنا يريدُ أن يساعِد الآخر ! عندما تنفجرُ في وجهي و تكيلُ إليّ ما تيسر من غضبك فإنك بذلك قد تربح الجولة الأولى ، لكنك قطعاً تخسرُ في النهاية لأن شعورك بجرح إنسانٍ آخر سيلهب ظهرك مهما بلغت درجة صلادتك ... كما أنّ صفّك سيتصدّع من الناحية التي فيها أنا ... و ثقبٌ غائرٌ سينشأ كنتُ أسدّه أنا و إن لم تكن تحس بذلك ، أو على الأقل سيتسرب إليك الظلام من خلال هذه اللبنة التي ترفضُ أنت بقاءها حواليك .

قال لينكولن : ( ليس هناك شخص عزم على أن يستفيد من نفسه الاستفادة القصوى ثم تجدهُ يدّخرُ وقتاً للنـزاعِ الشخصي ! و مع هذا فقلما يستطيعُ تحمّل عواقب هذا بما في ذلك إفساد مزاجه و فقدانه لضبط النفس . تنازل عن الأشياء الكبرى التي لك فيها حقٌّ مساوٍ للآخرين ، و تنازل عن الأشياء الصغرى و إن كان واضحاً أنها لم تماماً ... فالأفضل أن تفسحَ الطريق للكلبِ عن أن يعضّك و أنت تتسابق لتحديد من المحق ، فإنّك و إن قتلت الكلب فإنك لن تشفى من عضّته ) ..بكل تأكيد هذه حكمة تستحقّ أن نعلقها على جدارن حياتنا اليومية ، فالحكمة ضالّة المؤمن ، و خذوا الحكمة حتى إذا وجدتموها مرميّةً على السكك . كما أنّ هذا العبقري لينكولن هو من أروع من كتب مذكرات الحكمة و الدهاء ... و دعنا الآن من " لينكولن " و لنتساءل سويّاً : كيف تنشأ العداوات ، و كيف نتجاوزها ..؟

لا شكّ أن " النزوع " إلى التقدير و تحقيق الذات هو المطلب الأسمى للكائن البشري ، و عليه يقيم معاقد الولاء و البراء .و إنّ معظم الخلافات تنشأ نتيجة سعي الأطراف إلى تحقيق فوزٍ على حساب الآخر ملغيين أحقّية هذا الآخر في تحقيق جزء من " الاعتبار النفسي " لديه ، و رافضين أدنى تنازل لمصلحة الآخر . ماذا لو أعطينا الآخر هذا الاعتبار النفسي ثمّ انطلقنا من هذا الاعتبار إلى ما يطرأ من مستجد فيما بيننا و اعتمدنا مبدأ : لننظر سويّاً ، بدلا ً عن " أنا أرى ، و في تصوّري " ..!؟ ألن يكون ذلك أجدى . الحفاظ على كبرياء الآخر و شموخه و اعتباره لنفسه هو مطلب سامي في حفظ الصـف الاجتماعي متيناً متماسكا ، و في تجنّب الخلافات صغيرةً و كبيرة . كنتُ ذات مرّة اتحدّث إلى دكتور في الكلية في قضيّة علميّة ، رأيتُ أن الصواب قد جانبهُ فيها ، افتتحتُ حديثي معه بقولي : كلامك صحيحٌ يا دكتور و علميٌّ جدّاً رغم أني قرأتُ في المرجع الفلاني تفسيراً آخر أقلّ عمقاً من تأويلك الذكي ، فلقد قال كذا و كذا ، و قد أشرتَ أنت َإلى المعنى الذي عرضه المرجع في إجابتك المشتملة عليه، فماذا عن قوله كذا و كذا ...! فلم يجد الدكتور إلا أن يقول لي : التفسير الذي أشار إليه المرجع العلميّ معقولٌ جدّا، و أنا لم يخطر إلى ذهني في هذه اللحظة القضية " الفلانية "، و لو كانت قد خطرت لكنتُ قلتها لك . الدكتور في هذه الحالة يبحث عن تحقيق اعتباره النفسي و اثبات أنه " مهم " و " محط احترام مني أنا الطالب " غير أنّي استفدتُ كثيراً من النقاشات السابقة التي كنتُ أدخلُ فيها بمفهوم : " الحق أحب إليّ " فوصل بي الحال لدرجةِ أن أحد البروفيسورات سفّه رأيي " رغم صحّته " علانيةً أمام الطلبة الحاضرين ... بل أكثر من ذلك ، فلقد جعل مني بلباقته أضحوكة للطلبة ، و كان بإمكاني أن أحصل على ثناءٍ جميلٍ منه لو أنني حققتُ له اعتباره النفسي بتقديم لبقٍ و سردٍ لبعض عبقريته و دماثته في الحوار .

إنّ جرح كبرياء الآخر و التضييق عليه دون منحه فرصة ليحفظ ماء وجهه هو الغائرُ الأكبر في الوجود الإنساني ، و الصدمة التي لا تبرأ بسهولة . كانت أمّي تردد دائماً على مسمعي - عندما كانت تتصدع لقدرتي على إحراج الناس ، و الكبار منهم خاصة - " يا مروان ، كسر الجاه أبشع من يوم القيامة " ، هكذا كانت ترددها بهذه الأحرف ... و هي تريدُ أن تعطيَ هذه القضية الغير أخلاقية حجمها من التشنيع بربطها في يوم القيامة ، كحقيقةٍ كبرى أخشاها في صغري ... فهل كانت محقّة ؟

نعم ... فالتأريخُ يعلّمنا كيف كان الرسول الكريم يحافظُ على القلوب دون كسرها مهما بلغت درجة قتامتها ، فها هو رجلٌ يطرقُ الباب فيقول الرسول الكريم " من " ، فيقول : " فلان " ، ... و هنا يتمتم الرسول الكريم بكلماتٍ تسمعها أم المؤمنين عائشةُ رضيَ الله عنها ، و هو يقول : ( بئسَ أخو العشيرة ) ، فلمّا ولجَ إلى دار النبي الكريم ، احتفى به عليه السلام و أجلسه في صدر المجلس ...
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024