الأحد, 28-أبريل-2024 الساعة: 02:13 م - آخر تحديث: 01:42 م (42: 10) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
البردوني يعود في هيئة حصان



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من ثقافة


عناوين أخرى متفرقة


البردوني يعود في هيئة حصان

السبت, 18-أبريل-2009
هايل علي المذابي - ماذا يمكن أن يقال عن هذا الضرير الذي استحوذ بنفاذ بصيرته على كل ما هو جميل وساحر في اللغة صرفاً ومعنى، وجعل القصيدة التي يكتبها كعبة يحج إليها النقاد وعاشقو الحرف واللغة، ومدرسة يتخرج منها المئات من المبدعين، وكيف لا وهو الذي كسا القصيدة ببردة الحسن والقداسة والجمال.. ربما هي حكاية القائل بكروية الأرض، والحلاج و.. و.. و.. وكل من لم يسعفه زمنه بأن يفهم معاصروه ما نشده وصبا إليه رغم ذلك فربما بدت المعادلة ناقصة لو تحقق ذلك.
لقد كان سابقاً لعصره وأونه بنظرته التي تتخطى الأجناس والحضارات والأقاليم وتتجاوز الأزمنة والأمكنة إلى وحدة شاملة تلتقي كقطرات الغيوم وتتجمع وتتلملم لتنسكب في حضن الأوقيانوس العظيم لترقى بنا إلى ذورة النشوة حيث الإبداع وحيث الإعجاز وحده.
هذا الضرير عاش زمناً كان الدهر فيه أسير كلمته، ويجدر بي أن أنتقي قصيدة من قصائده لتكون محط الحديث، وهي في مجموعها - أي قصائده - تذكرني بمثل عربي قديم قالته فاطمة بنت الحوثب الأنمارية امرأة زياد العبسي وكان لها سبعة أولاد ذكور من نجباء العرب.
فقيل لها يوماً أي أولادك الأفضل، قالت الربيع.. لا بل عمارة.. لا بل فلان، ثم قالت: ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل «هم كالحلقة المفرغة لا يُدرى أين طرفاها.
نعم قصائد البردوني كذلك كالحلقة المفرغة لا يُدرى أين طرفها، رغم ذلك فسأختار منها قصيدة بسيطة تأسر اللب وزناً وحرفاً ومعنى وتلامس بعفويتها ورمزيتها أفق العالمية محلقة في فضاءات لا يلحق بها فيها جناح..
من ديوان «زمان بلا نوعية» قصيدة «للقاتلة حُباً»..
وفيها أحد أنواع التناص التاريخي أو استعارة الهياكل ولكن بتقنية حديثة جداً توحي بذكاء صريح وخبرة بناء ماهر في رصف الحجر، يقول مقطع منها:
اجتثيني من عرقي
يخضر مكاني بعدي
تورق ذراتي خيلاً
أقلاماً حُباً رعدي
من كل حصاةٍ ينمو
فلاحٌ يزهو جندي
من تحت ركامي يحبو
آتيك يغني عهدي
قتلي يبدي من سري
ما أعياني أن أُبدي.
في هذه الأبيات يتجسد التناص التاريخي والميثيولوجيا الراقية التي تُدهش وتسحر بجمالها وتبين عمق نفس هذا الضرير وعبقرية موهبته.
تقول الأسطورة: «إن الأبطال عندما يموتون يعودون إلى الحياة ولكن في هيئة خيول وأحصنة، ومن ملك أي من هذه الأحصنة فإنه - أي الحصان - كفيل بحمايته وإرشاده» ذُكرت هذه الأسطورة في حكاية الملك آرثر، والصورة واضحة فالبرودني يقول:
تورق ذراتي خيلاً
أقلاماً حُباً رعدي
وفي هذا دليل واضح على نفاذ بصيرته وجودة السبك لديه وحسن الانتقاء وسلامة الذوق والمهارة والبراعة في التوظيف للميثيولوجيات، والرجل في هذه المقاطع من القصيدة يرى في نفسه فيلقاً من الأبطال والمبدعين لا فرداً، ولعمري إنه من أبلغ من استخدموا التناص التاريخي في قصائدهم وحكاياهم.أكتفي بذلك فالحديث ذو شجون وحسبي الخلاصة.. وألاَّ يغمط هذا الضرير حقه.


[email protected]
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024